مقالات

القرعان تكتب: الأطفال بنك أهداف الاحتلال الإسرائيلي

التاج الاخباري – بقلم د. دانييلا القرعان

منذ احتلال فلسطين، بدأ مسلسل لا يتوقف من المعاناة يحاصر الفلسطينيين جراء سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت الشعب الفلسطيني بكل مقدراته ومكوناته وتفاصيله اليومية، من خلال جملة من الممارسات التعسفية من قتل، وجرح، واعتقال، وتشريد وإبعاد، وإقامة جبرية، ومصادرة أراض واستيطان، وجدران، وحواجز، وبوابات، واقتحامات، وحظر تجول، وحصار؛ والقائمة تطول.
لم يكن الطفل الفلسطيني بمعزل عن هذه الإجراءات التعسفية التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ بل كان في مقدمة ضحاياها؛ رغم الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حقوق الأطفال؛ وفي مقدمتها “اتفاقية حقوق الطفل”، التي تنادي بحق الطفل بالحياة والحرية والعيش بمستوى ملائم، والرعاية الصحية، والتعليم، والترفيه، واللعب، والأمن النفسي، والسلام. وهنالك الكثير من الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين، والتي تندرج في إطار ” جرائم ضد الإنسانية ” و ” جرائم حرب “.
مع بدء انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى معركة طوفان الأقصى من عام 2023، شكلت عمليات استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم سياسة ثابتة اتبعتها القيادة العسكرية الإسرائيلية، واعتمدت أعلى المستويات، مما يفسر ارتفاع عدد الشهداء الأطفال. وتعج الذاكرة بآلاف الأطفال الذين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد، على مدار سنوات طويلة مليئة بالحسرة والوجع، ومن هذه الحالات المأساوية لقتل الأطفال الفلسطينيين، جريمة إحراق وقتل الطفل المقدسي الشهيد محمد أبو خضير، بعد أن اختطفه المستوطنون، وجريمة إحراق عائلة دوابشة في داخل منزلهم قرية دوما جنوب مدينة نابلس، وجريمة استشهاد الطفل محمد هيثم التميمي (عامان ونصف) من قرية النبي صالح، شمال غرب رام الله، بعد أن استهدفه قناص من جنود الاحتلال أثناء تواجده ووالده بباحة منزلهما، وإصابة والده برصاصة بالكتف في حزيران عام 2023، وقصف طائرة إسرائيلية دون طيار ثلاثة أطفال (خالد بسام محمود سعيد (13عاما)، وعبد الحميد محمد عبد العزيز أبو ظاهر(13عاما)، ومحمد إبراهيم عبد الله السطري (13عاما)، بصاروخ، شمال شرق مدينة خان يونس، ما أدى إلى استشهادهم). وهذا يعد جريمة حرب، يجب أن تعاقب عليها إسرائيل، والرضيعة إيمان حجو في قصف دبابات الاحتلال لخان يونس عشوائيا سنة 2001؛ ومحمد الدرة الذي استهدفه جنود الاحتلال وهو يحتمي بحضن والده في شارع صلاح الدين بالقطاع سنة 2000. وفي عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار 2021 “والذي استمر 11 يوماً” كان أطفال فلسطين في رأس قائمة بنك الأهداف الإسرائيلي، حيث أرتقى نحو 72 طفلاً جراء قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية منازلهم بكل وحشية، لدرجة أن بعض العائلات أبيدت بكاملها رجالاً نساء وأطفال كعائلة أبو حطب، وأبو عوف، واشكنتنا، وعائلة القولق. وبشكل عام، تعود معظم حالات استشهاد الأطفال بشكل أساسي، إلى الأعمال العسكرية الإسرائيلية، ومخلفات الحروب والألغام، وخصوصًا في غزة؛ وإلى عنف جنود الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية.
هؤلاء الأطفال يتعرضون لما يتعرض له الكبار من قسوة التعذيب، والمحاكمات الجائرة، والمعاملة غير الإنسانية، التي تنتهك حقوقهم الأساسية، وتهدد مستقبلهم بالضياع، بما يخالف قواعد القانون الدولي و ” اتفاقية الطفل”؛ حيث أن سلطات الاحتلال تحرم الأطفال الأسرى الفلسطينيين حق عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محامٍ، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في المثول أمام قاضٍ، والحق في الاعتراض على التهمة والطعن بها، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي، والحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل.
ولا يراعي الاحتلال حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة؛ ولا تشكل لهم محاكم خاصة؛ بالإضافة إلى أن الاحتلال يحدد سن الطفل بما دون ال 16 عاماً؛ وذلك وفق الجهاز القضائي الإسرائيلي الذي يستند في استصدار الأحكام ضد الأسرى الأطفال إلى الأمر العسكري رقم “132”، والذي حدد فيه سن الطفولة، حتى سن السادسة عشرة؛ ما يشكل مخالفة صريحة لنص المادة رقم “1” من “اتفاقية الطفل” التي عرفت الطفل بأنه (كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة).
في عام 2023 وخلال معركة طوفان الأقصى والتي انطلقت من قطاع غزة، ما زالت قوات الاحتلال الإسرائيلي تتعمد استهداف الأطفال الفلسطينيين بقصف كامل مع عوائلهم، في ظل حالة الإفلاس والفشل والتخبط التي يعاني منها الاحتلال الإسرائيلي، وعلى مدار الأيام الماضية لم تتوقف قوات الاحتلال عن ارتكاب المجازر بحق العائلات الفلسطينية لا سيما الأطفال منهم، وغالبيتهم لا يتجاوزون السادسة من عمرهم، وهو انتهاك واضح وصريح لكل القيم الإنسانية والحقوقية المنصوص عليها في كل القوانين الدولية.
مجازر حقيقية أظهرت حجم البشاعة والإجرام التي ارتكبها الاحتلال بحق الأطفال الذين تمزقت أجسادهم البريئة وأصبحت أشلاء منتشرة في كل مكان نتيجة قصفهم بصواريخ ثقيلة، بالرغم أن استهدافهم للأطفال مخالف لما يسمى ” الضرورة الحربية” التي نص عليها قانون روما واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، ونطالب محكمة الجنايات الدولية الى فتح تحقيق فوري وجدي لمحاسبة قادة الاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى