أخبار الأردناهم الاخبار

المحامي قطيشات: لا يحق للنواب والاعيان الاشتراك او التنسيب بتعيين الموظفين العامين

التاج الاخباري– أعدّ المستشار القانوني، المحامي محمد قطيشات، مطالعة قانونية تأصيلية حول دور مجلس النواب قانون الموازنة العامة، ومدى انسجام بعد التعديلات التي طرأت على القانون مع الدستور، وخاصة ما تعلّق منها بمنح مجلسي الأعيان والنواب صلاحية تعيين الموظفين وانهاء خدماتهم وغيرها من الصلاحيات الادارية والمالية

وتناول قطيشات في المطالعة القانونية التعديل الجديد الذي أدخله النواب على قانون الموازنة العامة، والمتضمن منح مجلس الأعيان والنواب صلاحية تعيين موظفين في كلا المجلسين، مستعرضا دور واختصاصات مجلس الأمة حسب ما ورد في الدستور

وتاليا نصّ المطالعة:

صلاحية رؤساء مجلسي الأعيان والنواب في تعيين الموظفين في كلا المجلسين

إعداد المستشار القانوني المحامي محمد قطيشات

– لقد نصت الدساتير الأردنية المتعاقبة على تكوين مجلس الأمة واختصاصاته بدءاً من القانون الأساسي عام 1928 لغاية دستور المملكة الأردنية الهاشمية لعام 1925 وعلى الرغم من الإختلافات التي شهدتها النصوص الدستورية المتعاقبة إلا أنها جميعها تعرضت الى الأحكام التي تسري على مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب نظراً لما يقوم به هذين المجلسين من وظائف تمس المصلحة العامة ولعل أهم هذه الوظائف التشريع وهذا ما نصت عليه المادة (25) من الدستور(تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك ويتألف مجلس الامة من مجلسي الاعيان والنواب )

والتشريع عملية منظمة تبدأ منذ اقتراح القانون فإقراره ثم التصديق عليه وإصداره سواء كان حق الإقتراح من حق السلطة التنفيذية أم السلطة التشريعية وهذا ما نصت عليه (91) من الدستور (يعرض رئيس الوزراء مشروع كل قانون على مجلس النواب الذي له حق قبول المشروع او تعديله او رفضه وفي جميع الحالات يرفع المشروع الى مجلس الاعيان ولا يصدر قانون الا اذا اقره المجلسان وصدق عليه الملك )

وكذلك المادة (95) 1. يجوز لعشرة او اكثر من اعضاء اي من مجلسي الاعيان والنواب ان يقترحوا القوانين ويحال كل اقتراح على اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي فاذا رأى المجلس قبول الاقتراح احاله على الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها او في الدورة التي تليها . 2. كل اقتراح بقانون تقدم به اعضاء اي من مجلسي الاعيان والنواب وفق الفقرة السابقة ورفضه المجلس لا يجوز تقديمه في الدورة نفسها

* الا ان عمل السلطة التشريعية لا يقف عند التشريع فقط وإنما هنالك وظائف أخرى لا تقل أهمية عن التشريع وهي الوظيفة المالية ذات العلاقة بالموازنة بشقيها الإيرادات والنفقات والرقابة على تنفيذها بالإضافة الى الوظيفة الرقابية والسياسية على مجلس الوزراء بمنح الثقة وحجبها والسؤال والاستجواب وهذا ما نصت عليه المادة (51) من الدستور (رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون امام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة كما ان كل وزير مسؤول امام مجلس النواب عن اعمال وزارته

أما فيما يتعلق بالوظيفة المالية فهي من أهم ما تمارسه السلطة التشريعية وتزداد أهميتها مع تقدم الوقت وقد تناول الدستور الأردني الوظيفة المالية لمجلس الأمة من خلال التأكيد على عدم جواز فرض الضرائب والرسوم الا بقانون وضرورة موافقة مجلس الأمة على القروض العامة والمعاهدات التي يترتب عليها أعباء على خزينة الدولة والموازنة العامة وعقود استثمار المناجم أو المعادن والمرافق العامة وقد ساوى الدستور الأردني بين مجلسي الأعيان والنواب في الرقابة المالية فيما يتعلق بالأمور المالية لتحقيق رقابة مُثلى عليها

} ويقصد بالموازنة العامة الوثيقة المالية التي تقابل بين نفقات الدولة وإيراداتها وتحدد العلاقة بينها بهدف تحقيق أهداف معينة لفترة زمنية قادمة {

والموازنة العامة التي تعدها الحكومة هي بطبيعتها عمل اداري لكنها تتحول إلى قانون بمجرد الموافقة عليها وتصديقها من مجلس الأمة والملك .وهذا ما أكدت عليه المادة (112)

وللتأكيد على أهمية الرقابة المالية لمجلس الأمة فقد نص قانون ديوان المحاسبة على أنه رئيس ديوان المحاسبة يقدم تقاريراً أو ملاحظات مالية كلما طلب منه مجلس النواب ذلك أو اذا رأى ضرورة لذلك للفت نظر المجلس لأمر يرى أنه خطر ويستلزم النظر فيه ويبدي ملاحظاته للمجلس على ذلك وهذا ما ورد في المادة (22)

وتعرض قانون الموازنة العامة في تعديله الجديد الى صلاحية مجلس الأعيان والنواب في تعيين موظفين في كلا المجلسين فقد كان النص القديم المادة (13) من خطاب مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 ينص : -لغايات تنفيذ أحكام هذا القانون يتولى صلاحيات مجلس الوزراء ورئيس الوزراء ووزير المالية كل من : 1-رئيس مجلس الأعيان اذا تعلق الأمر بمجلس الأعيان . 2-رئيس مجلس النواب اذا تعلق الأمر بمجلس النواب . 3-رئيسي مجلسي الأعيان والنواب اذا تعلق الأمر بالبرنامج (الادارة والخدمات المشتركة ) 4-رئيس مجلس الأعيان اذا تعلق الأمر بمجلس النواب وكان المجلس منحلاً

أما التعديل الجديد الذي أضيف لقانون الموازنة العامة

المادة (12) : على الرغم مما ورد في هذا القانون او أي تشريع آخر ، يتولى صلاحيات رئيس الوزراء ومجلس الوزراء ووزير المالية فيما يتعلق بالأحكام المالية والإدارية المتعلقة بالفصل (201مجلس الامة ) كل من : 1-رئيس مجلس الأعيان اذا تعلق الامر بمجلس الاعيان . 2-رئيس مجلس النواب اذا تعلق الامر بمجلس النواب . 3-رئيسي مجلسي الأعيان والنواب اذا تعلق الأمر بالبرنامج (201 الادارة والخدمات المشتركة ) 4-رئيس مجلس الأعيان اذا تعلق الأمر بمجلس النواب وكان المجلس منحلاً

أي أنه طرأ تعديلين فيما يتعلق بفحوى المادة الأول هو إضافة عبارة على الرغم مما ورد في هذا القانون أو أي تشريع آخر والثاني عبارة الأحكام المالية والإدارية

-فيما يتعلق بالأمور المالية فيقصد به كل ما يتبع من الأمور المالية لوزارة المالية ورقابة ديوان المحاسبة وقد ذكرنا كيف يكون لمجلس النواب دور رقابي فيما يتعلق بالأمور المالية فهو يكون بمثابة رقيب على ديوان المحاسبة ويحق له طلب تقارير في أي وقت من ديوان المحاسبة وقدد حدد الدستور ايضا الأمور التي لا تصبح نافذة الا اذا شُرعت بقانون أو أجازها مجلس الأمة بشقيه وهي نصوص واضحة لا تحتمل التأويل فيما يتعلق بالمعاهدات والقروض سواء الداخلية والخارجية والامتيازات والضرائب والرسوم

-أما فيما يتعلق بالأمور الإدارية فهي تشمل تعيين موظفين في كل من المجلسين وترقيتهم وفصلهم وانتدابهم وتكليفهم وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالنشاط الإداري داخل مجلس الأمة الأمر الذي تناوله نظام الخدمة المدنية بالتفصيل كون نظام الخدمة هو المسؤول عن تعيين الموظفين العموميين ودرجاتهم وفئاتهم ورواتبهم وامتيازاتهم وعلاواتهم ونقلهم وانهاء خدماتهم وعزلهم من الخدمة وفي ظل غياب النص الدستوري الذي يعطي مثل تلك الصلاحية لمجلس الأمة فلو أراد المشرع منح المجلس تلك المهام لكان أوردها في ظل النصوص الدستورية التي جاءت بعبارات واضحة صريحة كما نص على المهام المالية لمجلس الأمة وفي ظل هذا الغياب والذي كما هو معلوم بأنه لا تجوز إضافة أي تخصصات جديدة لأية سلطة دستورية غير الاختصاصات التي نص عليها في الدستور وفي ظل وجود نظام كامل يهتم ويحتوي جميع الأمور المتعلقة بالموظف العمومي فالشخص المعين بمجلس الأمة ما دام يتقاضى راتبه من موازنة الدولة فهو موظف وهذا ما نصت عليه المادة الثانية من النظام (الموظف : الشخص المعين بقرار من المرجع المختص، في وظيفة مدرجة في جدول تشكيلات الوظائف الصادر بمقتضى قانون الموازنة العامة أو موازنة إحدى الدوائر والموظف المُعين بموجب عقد ولا يشمل الشخص الذي يتقاضى أجراً يومياً (

بالتالي فإن أمر تعيين الموظفين يجب أن يترك لنظام الخدمة المدنية كون هذا النظام أدرى بالكفايات والقدرات والأولويات وحاجة الدوائر والمؤسسات الى موظفين بالتالي يكون التعيين مبيناً على أسس واضحة على عكس التعيين عن طريق مجلس الأمة كون مجلس الأمة ليس من ضمن مهامه التعيين بدايةً وكونه ليس على دراية بقدرات الأشخاص ومؤهلاتهم العلمية والعملية كنظام الخدمة المدنية وكون التعيين عن طريق النظام فيه تحقيق لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص الذي نُص عليه في متن الدستور في المادة (6) كون التعيين عن طريق المجلس بلا شك ستكون هنالك محاباة وواسطة ومحسوبية في اختيار موظفي المجلس وهذا ما يمكن درءه عن طريق تعيين نظام الخدمة

وهذا ما أكد عليه المجلس العالي لتفسير الدستور (القرار رقم (1) / 2008 )

(عدد الجريدة الرسمية 4881 بتاريخ 31/1/2008)

( الذي قرر بالإجماع بأنه لا يجوز ولا يحق للأعيان أو النواب أو القضاة الاشتراك بتعيين الموظفين العامين او التوصية او التنسيب بتعيينهم ).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى