أخبار الأردناهم الاخبار

عودة “حظر الجمعة”.. هل هو إجراء احترازي يعاقب المستهترين والملتزمين معا؟

 التاج الاخباري- تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي منذ أول من أمس أنباء العودة إلى حظر “الجمعة”، وتمديد ساعات الحظر في باقي الأيام، والتي كان لها ردود فعل متباينة من قبل المواطنين، في الوقت الذي ترى فيه الجهات المعنية أن هذا القرار يأتي للحيلولة دون إقامة التجمعات التي أمست سبباً في زيادة أعداد مصابي “كورونا”.
#حظر–الجمعة، #ارفض–حظر–الجمعة، عناوين وهاشتاج، تداوله المواطنون بعد إقرار الحظر، الذين اعتادوا عليه منذ فترة زمنية قريبة، ولكن مع ازدياد الأعداد وظهور بؤر مرضية جديدة، أرتأى المسؤولون بمتابعة ملف “كورونا” في الأردن أن يتم تعديل بعض الإجراءات التي قد تكون إشارة للمجتمع بدق ناقوس الخطر، إن لم يكن هناك التزام جدي بالإجراءات الاحترازية الوقائية.
وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة علي العايد، قد أعلن أول من أمس في مؤتمر صحفي خاص بذلك، عن أن هناك مجموعة من القرارات بالتزامن مع “حظر الجمعة”، وهي إلزام المواطنين بالتقيد بمسافات التباعد، وارتداء الكمامات، كما سيتم تشديد العقوبات على المنشآت والأفراد غير الملتزمين بارتداء الكمامات ومسافات التباعد، وتغليظ العقوبات على المقاهي والمطاعم التي تقدم الأرجيلة.
المواطنون، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، سارعوا بالتعليق على هذا القرار، الذي يجد فيه كل بيت أردني أنه يمس يوم العطلة الخاصة بهم، يوم التجمع ولقاء الأسرة، ليكون هذا التقليد العائلي، من الأسباب التي تدفع بالجهات المختصة إلى أن يكون هناك إجراء يُلزم الجميع بعدم الخروج من المنزل، وعدم الاختلاط بالآخرين أكبر قدر مستطاع من الوقت.
ومن التعليقات التي بين أصحابها أن حظر الجمعة غير مقبول وليست ذات فائدة، يقول ميلاد أمجد، إن هذا القرار يدفع بالمواطنين إلى التدافع في مساء الخميس نهاية الأسبوع من أجل شراء احتياجاتهم لليوم التالي، وقد يُشكل هذا شكلا من الاختلاط والازدحامات عند المحلات التجارية كما حدث خلال الفترة الماضية من إقرار “حظر الجمعة”.
فيما ترى دانيا الخطيب أن حظر الجمعة له سلبياته في أن يحرم المواطنين من يوم الإجازة الذين يجدون فيه المتعة بالتحرك في ظل الأجواء المناخية الربيعية الآن، والتي قد يجد فيها المواطن نوعا من الرفاهية وكسر روتين الأسبوع والخروج مع العائلة برحلات داخل ربوع الوطن، والتي قد تكون سببا في رفع المعنويات والروح الإيجابية في ظل الضغوط اليومية جراء “كورونا”.
بينما يرى بشار، عامل في أحد المطاعم، كما ذكر، أنه حتما سيكون أحد المتضررين من حظر الجمعة، معللا، بسبب التعطل الذي سيكون في هذا اليوم، الذي يعتبره التجار وأصحاب المحال التجارية “يوم حيوي” إذ تنشط فيها الحركة الشرائية، كما في المطاعم والمحلات الصغيرة.
ولكن، يرى آخرون أن ما آل إليه الوضع الوبائي وعدم الالتزام المجتمعي بالإجراءات الوقائية، قد زاد من أعداد المصابين في العديد من الأماكن، إلى الحد الذي دفع بالجهات المعنية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الجديدة لمواجهة انتشار المرض، على الرغم من التصريحات التي تبين أن لا جدوى ملموسة من حظر الجمعة فقط، دون وجود التزام مجتمعي.
اجتماعيا، فان الطبيعة الجغرافية للمملكة قد يكون لها دور في خفض نسبة تأثير حظر الجمعة “إيجابيا” على المجتمع، كما يرى المتخصص بعلم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع، حيث أن المناطق البعيدة عن مراكز المحافظات، كما في القرى والضواحي البعيدة، لا تلتزم بشكل جيد بإجراء الحظر، لذا فإن الحظر قد يؤثر فقط على المدن والأماكن القريبة من الجهات الأمنية المختصة التي تراقب التزام المواطنين بالحظر.
ولكن، ما يخشى من حدوثه، بحسب جريبيع، هو أن يكون هناك ردة فعل عكسية سلبية من قبل المواطنين، خاصة ممن يتعاملون مع هذه القرارات على أنها “عقاب وليست إجراء احترازيا”، وهذا قد يدفع المواطنين إلى عدم الالتزام الكافي في الأيام الباقية، إلى جانب ما يمكن حدوثه يوم الخميس من تدافع في الأسواق بين الناس، وسيكون له رد فعل لا تحمد عقباه.
“من ناحيتي سألتزم بشكل كامل بالحظر والإجراءات الوقائية حفاظا على نفسي وعائلتي”، تقول مها ناصر، التي تقطن في إحدى المناطق التي يتزايد فيها أعداد المصابين بفيروس كورونا المتحور، لذلك ترى أن حظر الجمعة هو فرصة لها للبقاء في البيت، وإعادة تدريب أبنائها على الالتزام بإجراءات الوقاية في أي مكان يتواجدون فيه.
كما يتمنى جمال عزام أن تقوم الحكومة بالتزامن مع حظر الجمعة بالتشديد على المواطنين غير الملتزمين بالإجراءات الوقائية، إذ أن حظر الجمعة فقط لا يكفي للحد من زيادة الأعداد، بل يجب أن يكون هناك تشديد في منع التجمعات التي تحدث في المناسبات، وخاصة في المناطق البعيدة عن مراكز المحافظات التي لا يوجد فيها مراقبة بما يكفي لمنع المواطنين من تنظيم الحفلات أو التجمعات المخالفة للقانون، وقد تكون سببا في خلق بؤرة جديدة.
وعليه، يعتقد جريبيع أن ما يُجمع عليه الاختصاصيون من النواحي الاجتماعية والطبية، أن إعطاء اللقاح للمواطنين والتشجيع على أخذه، وواجب الحكومة توفيره بالقدر الكافي، هو الحل الأمثل للحد من ظهور بؤر تفش جديدة، بدلا من وضع إجراءات فيها نوع من التعدي على حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية في ذات الوقت، حيث أثبتت الدراسات أن اللقاح هو الحل الوحيد للحد من انتشار المرض، وليس فقط فرض إجراءات باتت لا تؤتي أكلها من حيث وقف العدوى.
إلا أن جريبيع يؤكد في ذات الوقت، على أن هذا الأمر لا يعني أن يتخلى الناس عن دورهم في حماية أنفسهم ومجتمعهم من خلال ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية المتعارف عليها، من تباعد جسدي وارتداء الكمامة، وعدم خلق تجمعات كبيرة كما في المناسبات المختلفة، التي ما نزال نراها على أرض الواقع، في المناطق البعيدة عن مرأى الجهات الرقابية. كما يرى جريبيع أن تغليض العقوبات كذلك هو شكل من أشكال إلزام المواطنين بالحرص على الالتزام، خوفا من العقوبات المقررة، وافساح المجال للناس بأن تجد فرصتها في الاستمتاع بيوم الجمعة، بعد أن ينهي أسبوعا مليئا بساعات العمل والدراسة للابناء.
طبيب مجتمع وصحة عامة وبيئة ووبائيات الدكتور عبد الرحمن المعاني كان قد بين لـ”الغد”، أن الحظر بشكل عام له آثاره السلبية على عدة نواح اقتصادية واجتماعية، بعيدا عن الدور الصحي غير المجدي نوعا ما، والذي يمكن أن يحدثه الحظر، خاصة أنه قد يكون الالتزام بالحظر في منطقة دون أخرى، خاصة في ظل عدم القدرة على السيطرة عند حدوث حالات التهافت في الوقت الذي يسبق يوم الحظر.
لذلك يؤكد المعاني على أن الأهم في الفترة الحالية هو الالتزام بالكمامة والتباعد والإجراءات الوقائية المتبعة، وهي أمر مُلح جدا في هذه الفترة الحرجة، سواء أكان ذلك في داخل المنزل أو خارجه، والاعتناء بكل ما يمكن أن يوفر أجواء نظيفة ومعقمة تساعد في التخلص من الفيروسات، وعدم التهاون في أي إجراء كان، حيث باتت العناية الشخصية والالتزام هي الطريقة لحماية أنفسنا من العدوى.
وقد سُجِّلت أول من أمس الأربعاء (4024) حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، منها (2726) في محافظة العاصمة عمان. وبذلك يرتفع إجمالي عدد حالات الإصابة في المملكة إلى (376.441) حالة فيما يبلغ عدد الحالات النشطة حاليا (30.809) حالات. وسجلت (22) حالة وفاة ليرتفع إجمالي عدد الوفيات إلى (4611) حالة. وبلغ إجمالي عدد الحالات المؤكدة التي تتلقى العلاج في المستشفيات (1178) حالة، وتم إجراء (36.073) فحصا مخبريا، ليصبح إجمالي عدد الفحوصات (4.476.281) فحصا، وبذلك تصل نسبة الفحوصات الإيجابية ليوم الأربعاء إلى قرابة (11.16 %).
وتدعو وزارة الصحّة الجميع إلى الالتزام بأوامر الدّفاع، واتّباع سبل الوقاية، خصوصا ارتداء الكمامات، وعدم إقامة التجمّعات لأكثر من (20) شخصاً، ومتابعة الحملات التوعوية التي أطلقتها بالشراكة مع عدد من الوزارات والهيئات للوقاية من عدوى كورونا والتسجيل لأخذ المطعوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى