أخبار الأردناهم الاخبار

جائحة كورونا تهدد بدفع 72 مليون طفل إضافي إلى فقر التعلّم

التاج الإخباري – يحيي الأردن والعالم، في 24 كانون الثاني/ يناير من كل عام بـ “اليوم الدولي للتعليم”، والتي تحل في هذا العام في ظل أزمة جائحة عالمية أدت إلى اضطراب العملية التعليمية في جميع أرجاء العالم على نطاق وبشدة غير مسبوقين.

جائحة فيروس كورونا المستجد، التي أودت بحياة أكثر من مليوني شخص في العالم، تسببت في إغلاق المدارس والجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية الأخرى، فضلاً عن توقف برامج محو الأمية والتعلم مدى الحياة، والتي أمتد أثرها على 1.6 مليار طالب في أكثر من 190 دولة.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا في هذه المناسبة، إلى العمل أكثر على تكثيف الجهود من أجل النهوض بالهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة الداعي إلى ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للكلّ وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع.

وقال البنك الدولي إن إغلاق المدارس من جراء جائحة كوفيد-19 يحمل في طياته مخاطر دفع 72 مليون طفلٍ آخر في سن المدرسة الابتدائية إلى فقر التعلم- ويعني أنهم غير قادرين على قراءة نص بسيط وفهمه وهم في سن العاشرة. جاء ذلك في تقريرين جديدين صدرا اليوم بلور البنك الدولي فيهما رؤية جديدة للتعلّم وما يرتبط به من الاستثمارات والسياسات، بما في ذلك تكنولوجيا التعليم التي يمكن للبلدان تنفيذها اليوم لتحقيق تلك الرؤية.

تتسبب جائحة كورونا في تعميق أزمة التعلم العالمية التي كانت موجودة بالفعل: إذ يمكن أن ترفع النسبة المئوية للأطفال في سن الدراسة الابتدائية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ممن يعانون من فقر التعلم من 53% إلى 63%، فضلاً عن تعريض هذا الجيل من الطلاب لخطر فقدان نحو 10 تريليونات دولار من دخلهم المستقبلي على مدار متوسط العمر، وهو مبلغ يساوي نحو 10% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، بحسب البنك الدولي.

“617 مليون طالب لا يستطيعون إجراء عمليات حسابية أساسية”

الأمم المتحدة، قالت إن التعليم يمنح الأطفال سلما للخروج من الفقر ومسارًا إلى مستقبل واعد، لكن ما يقرب من 265 مليون طفل ومراهق في العالم لا تتاح لهم الفرصة للدراسة أو حتى إكمالها، و617 مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة أو إجراء العمليات الحسابية الأساسية؛ كما أن أقل من 40% من الفتيات في إفريقيا جنوب الصحراء استطعن إكمال التعليم الثانوي، فضلا عن ما يقرب من أربعة مليون من الأطفال والفتيان والفتيات في مخيمات اللجوء غير ملتحقين بالمدارس. وهو ما يعني انتهاك الحق في التعليم لكل أولئك وهو أمر مرفوض.

وأضافت أنه “بدون إتاحة فرص تعليمة شاملة ومتساوية في التعليم الجيد للجميع، ستتعثر البلدان في سعيها نحو تحقيق المساواة بين الجنسين والخروج من دائرة الفقر التي تؤثر سلبا في معايش ملايين الأطفال والشباب والبالغين”.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة، بلغت نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائي في البلدان النامية 91%، لكن 57 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي لم يزلوا غير ملتحقين بالمدارس.

ويعيش أكثر من نصف الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كما يعيش حوالي 50% من الأطفال (ممن هم في سن الدراسة الابتدائية) غير الملتحقين بالمدراس في المناطق المتضررة من النزاعات.

في 2018، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان يوم 24 كانون الثاني/ يناير يوما دوليا للتعليم بهدف ضمان تعليم جيد منصف وشامل للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.

وأضافت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في وقت سابق أن “جائحة فيروس كورونا المستجد جاءت لتزيد من حجم الصعوبات التي تعاني منها النظم التعليمية المجهدة أصلاً في العالم، وليست هناك مبالغة في القول إنّ العالم يقف عند مفترق طرق، وعلينا أن نعمل الآن، وأكثر من أي وقت مضى، مع المعلمين لحماية الحق في التعليم وتطبيقه في ظلّ الظروف الجديدة التي فرضتها الجائحة”.

وتابعت أن “الدور القيادي الذي اضطلع به المعلمون عند التصدي لأزمة كورونا، لم يكن مناسبا وحسب، وإنّما كان حاسما أيضا من ناحية الإسهامات التي قدمها المعلمون لتوفير التعلّم عن بعد، ودعم الفئات الضعيفة وإعادة فتح المدارس وضمان سدّ الثغرات التعليمية”.

وزارة التربية والتعليم، قالت إن نحو 90 ألف معلم ومعلمة التحقوا بمدارسهم منذ 23 آب/ أغسطس الماضي، للعام الدراسي 2021/2020، حيث عاد نحو مليونين و145 ألف طالب وطالبة إلى مدارسهم في الأول من أيلول/ سبتمبر إلى مدارسهم ضمن اعتبارات وشروط صحية؛ منعا لتفشي فيروس كورونا المستجد.

واستمر تعلُّم الطلبة في الصفوف كافة منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وحتى نهاية الفصل الدراسي الأول، إلكترونيا عن بُعد عبر منصَّة “درسك” وقنوات التلفزيون الأردني.

وتتطّلب جائحة “كوفيد- 19” وحالات الطوارئ السابقة والمحتملة إعادة تقييم أساسي لدور المعلمين وكيف يمكنهم التخفيف من أسوأ عناصر حالات الطوارئ وتأثيرها على التعليم والتعلم، إضافة إلى استجابات مختلفة للدور القيادي للمعلمين على المدى القصير والمتوسط والطويل، بحسب يونسكو.

“أداء طلبة الأردن”

قال منتدى الاستراتيجيات الأردني، في ورقة سياسات، إن إغلاق المدارس والتعلم عن بعد (إلكترونيا) قد ينجم عنه تداعيات تتعلق بكفاءة وجودة التعليم.

وأضاف، في الورقة التي صدرت بعنوان “حالة التعليم في ظل “جائحة كورونا” وما بعدها”، أنه من المتوقع أن ينتج عن التحول في التجربة التعليمية قضاء الطلاب وقتا أقل في التعلم، مما سيؤدي إلى عدم الالتحاق بالدراسة والتغيب عنها وزيادة معدلات التسرب، إضافة إلى أن التباعد الجسدي الذي أدى إلى زيادة العزلة المجتمعية قد يتسبب في زيادة حالات الاكتئاب والتوتر وعدم القدرة على التكيف مع هذه الحالة سينعكس سلباً على المستوى التعليمي للطلاب.

وبينت الورقة أن التعليم المعتاد (الوجاهي) يوفر فرصة للطلاب بالتفاعل مع زملائهم في الصف الدراسي، إلا أن التعليم عن بعد (إلكترونيا) سيؤدي إلى انعدام وجود البيئة الدراسية التفاعلية، إضافة إلى فقدان الحافز التعليمي وانخفاض روح المنافسة بين الطلاب، إضافة إلى أن الأنشطة الصفية تساعد الطلاب على اكتساب المهارات الاجتماعية والقيم التربوية وتعزيز الثقة بالنفس، كما تساهم في تنمية روح التعاون بين الطلاب ضمن مجموعات، مما سيعزز في تحسين أداء الطلاب.

وأشارت الورقة إلى أن أداء الطلبة الأردنيين كان أقل بشكل كبير من المعدل العالمي وفقاً لبرنامج تقييم الطلاب الدوليين (PISA 2018)؛ حيث يلاحظ الفرق وبشكل واضح بين معدلات الطلبة الأردنيين مقارنة بالطلبة من الدول التي تحتل مراتب متقدمة في النتائج المتحققة.

“نقلة نوعية في التعليم”

المجلس الأعلى للسكان، قال في بيان الشهر الماضي، إن الأردن حقق نقلة نوعية في قطاع التعليم العام وتمكن من إرساء دعائم نظام تعليمي شامل عالي الجودة، من خلال تحقيق مجانية التعليم وإلزاميته وشموليته لكل المواطنين حتى سن السادسة عشر.

وأضاف أن هذه النقلة النوعية “انعكست على العديد من المؤشرات الوطنية ومن أبرزها، ارتفاع نسبة الالتحاق في هذه المرحلة إلى 98.02% (98.17% ذكور و97.87% إناث) حسب التقرير الإحصائي للعام الدراسي 2018/2019”.

“على الرغم من تدني النسب السنوية للتسرب من المرحلة الأساسية في الأردن، والتي بلغت ما بين (0.25%- 0.38%) حسب التقارير الإحصائية السنوية للأعوام الدراسية (2011-2019) حيث إنها تبرز عدم وجود مشكلة كبيرة، إلا أن الأعداد التراكمية تشير لوجود مشكلة حقيقية في بناء رأس المال البشري، فقد بلغ العدد التراكمي لعدد المتسربين في المرحلة الأساسية خلال تسع سنوات فقط في الفترة (2011-2019) ما عدده (43961) طالب وطالبة (22715 طالب، 21405 طالبة)”، بحسب المجلس.

“تعليم إلكتروني في الجامعات”

وبالنسبة للمرحلة الجامعة في ظل أزمة كورونا، شكل مؤخرا، مجلس التعليم العالي لجنة وطنية لإدماج التعلم الإلكتروني في برامج التعليم العالي، واستخدام مصادر التعلم مفتوحة المصدر.

وزير التعليم العالي محمد أبو قديس، أشار في تصريحات سابقة، إلى أن تشكيل اللجنة يأتي لوضع خطة عمل قائمة على مبدأ التشاركية وقابلة للتنفيذ، ومتابعتها لإدماج ومأسسة التعلم الإلكتروني؛ ليصبح جزءاً من المنظومة التعليمية في مؤسسات التعليم العالي، والارتقاء بنوعية التعليم العالي في المملكة وضمان جودته، ومواكبة التطورات العالمية وضمان تحقيق النقلة المنشودة في أداء مؤسسات التعليم العالي الأردنية وجودة مخرجاتها.

وأضاف أن خطة العمل ستشمل مراعاة بعدين أساسيين: الظروف الطارئة (الجائحة) والظروف العادية، لافتا النظر إلى أن الخطة ستعمل على التحول المنظم من التعليم التقليدي القائم على التلقين والتمركز حول المدرسة إلى التعليم التفاعلي القائم على الدور المحوري للطالب.

وأوضح أبو قديس، أن الخطة ستعزز مبدأ التعلم الذاتي المستدام، وتطبيق استراتيجياته المختلفة من خلال المنصات التعلمية الإلكترونية المعتمدة، مع مراعاة التكامل مع التعلم الوجاهي؛ لتحقيق مخرجات أكثر مواءمة مع متطلبات العصر، وإدامة التعلم للطلبة خلال الظروف الاستثنائية التي تحول دون وصول الطلبة لحرم المؤسسة التعليمية، وتعزيز منظومة التطوير المؤسسي ومرونة التعامل مع المستجدات الرقمية وتقبل التغيير، فضلا عن إتاحة المجال لتطوير مهارات الطلبة وأبعاد الإبداع لديهم التي لا يمكن تحقيقها من خلال التعلم الوجاهي.

ووضع البنك الدولي 5 ركائز أساسية يمكن للدول من خلالها رسم مسارها الخاص من خلال الالتزام السياسي بتنفيذ الاستثمارات والإصلاحات، وهي:

  • إعداد الطلاب وتحفيزهم على التعلم -مع زيادة التركيز على تنمية الطفل بالكامل ودعم استمرارية التعلم خارج جدران المدرسة، إضافة إلى إعداد أفضل من خلال توفير الجودة لمرحلة ما قبل المدرسة والتحفيز المبكر والتغذية السليمة.
  • فعالية المعلمين وتقديرهم واستعدادهم لتولي دور يتزايد في تعقيده وتساندهم فيه التكنولوجيا التي تمكنهم من التدريس لطلاب من مستويات تعليمية متنوعة. وهذا يتطلب مساراً وظيفياً يقوم على الجدارة ودعماً متواصلاً من خلال التدريب العملي الذي يركز على جودة التدريس.
  • موارد تعليمية، بما في ذلك المناهج الدراسية الفعالة وأساليب تعلم هجين، بما يدعم الممارسات التربوية التي تتيح التدريس لكل طالب على المستوى الذي يحتاجه.
  • مدارس توفر أماكن آمنة وشاملة للجميع -مع نهج يشمل المدرسة ككل وخارجها لمنع العنف ومعالجة أسبابه وعدم التخلي عن أي طفل.
  • إدارة جيدة للأنظمة التعليمية -في وجود مديري مدارس يعملون على تحفيز أساليب تربوية أكثر فعالية وأنظمة تعليمية تتصف بالكفاءة والبراعة في إدارة استخدام التكنولوجيا والبيانات والأدلة والشواهد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى