صحة وجمالعربي دولي

بعد وفاة 22 شخصا بالكوليرا في السودان .. أكثر 6 أوبئة فتكاً في أفريقيا خلال 2024

التاج الإخباري – في ظل تزايد التحديات الصحية التي تواجه القارة الأفريقية، تتصاعد أصوات الإنذار حيال تفشي الأمراض والأوبئة التي تهدد حياة الملايين. من بين هذه الأوبئة، برزت أخيراً أزمة الكوليرا في السودان كواحدة من أكثر الأزمات فتكاً، حيث أعلن وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، عن وفاة 22 شخصًا وإصابة 354 بالوباء في لقاء خصص لبحث الوضع الصحي الراهن مع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار.

أوضاع الرعاية الصحية في السودان تدهورت بشكل ملحوظ جراء النزاع المسلح الذي اندلع منذ أبريل / أيار 2023، ما أدى إلى توقف نحو 70 من المستشفيات في 13 ولاية من أصل 18. ويأتي هذا في وقت حرج حيث أسفر النزاع عن وفاة قرابة 18 ألف شخص وتشريد نحو 10 ملايين آخرين، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

في السياق الأوسع للقارة الأفريقية، تُظهر البيانات تفشي أوبئة أخرى مثل جذري القردة  والملاريا والإيبولا في دول مجاورة، مما يضع الصحة العامة تحت ضغوط متزايدة. الجهود الدولية والإقليمية مستمرة لكنها تحتاج إلى تعزيز لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال.

هذه الأزمات تؤكد على أهمية التضامن الدولي والاستجابة السريعة لتجنب وقوع كوارث إنسانية أكبر. ويظل السؤال مطروحًا: هل ستنجح الجهود الحالية في تحويل دفة الأزمات، أم أن الوقت قد تأخر لحماية ملايين الأفارقة من خطر هذه الأوبئة الفتاكة؟

أكثر الأوبئة انتشاراً في أفريقيا خلال 2024

خلال عام 2024، تواجه القارة الأفريقية تحديات صحية جسيمة مع استمرار تفشي عدة أمراض فتاكة، أخرها جدري القردة الذي أودى بحياة الآلاف من استدعى منظمة الصحة العالمية من إعلان حالة طوارئ عالمية، لهذا سنذكر قائمة بأبرز هذه الأمراض التي لها تأثير كبير على الصحة العامة في أفريقيا:

جدري القردة: 

مرض فيروسي ينتقل إلى الإنسان من الحيوانات ويمكن أن ينتشر بين البشر أيضًا. يتميز هذا المرض بظهور طفح جلدي يتطور إلى بثور مؤلمة ويعد من الأمراض الناشئة التي تثير قلق الصحة العالمية.

الكوليرا: 

مع انتشار الكوليرا في بعض البلدان مثل السودان، تؤدي ظروف النظافة السيئة ونقص مياه الشرب الصالحة للإستهلاك البشري إلى تفشي هذا المرض الذي يمكن أن يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه سريعًا.

الملاريا: 

تظل الملاريا من الأمراض الأكثر فتكًا في أفريقيا، خاصة في المناطق الاستوائية حيث تزداد حدة انتشار البعوض الناقل للمرض. تسهم الملاريا في عدد كبير من الوفيات سنويًا، لا سيما بين الأطفال الصغار.

الإيدز/الفيروس النقص المناعي البشري (HIV): 

على الرغم من التقدم في العلاجات والوقاية، لا يزال الإيدز يمثل تحديًا كبيرًا في العديد من الدول الأفريقية، ويؤدي إلى وفاة الآلاف كل عام.

السل (الدرن): 

يستمر السل في التأثير على عدد كبير من السكان، مع تزايد مقاومة الأدوية، مما يجعل العلاج أكثر صعوبة ويزيد من خطورة الوفيات.

الإيبولا:

على الرغم من عدم تفشيه بشكل واسع كما في الماضي، لا يزال فيروس الإيبولا يظهر في تفشيات محلية، مما يسبب وفيات عالية بين المصابين.

جدري القردة والصحة العالمية

في العام 2024، شهدت القارة الأفريقية تفشياً ملحوظاً لمرض جدري القردة، مما أثار القلق على صعيد الصحة العامة في عدة دول. وفقاً لأحدث التقارير من منظمة الصحة العالمية، تم تسجيل أكثر من  10 آلاف حالة إصابة وأكثر من 300 حالة وفاة مرتبطة بالمرض في مختلف أنحاء القارة. 

يظهر جدري القردة عادة في المناطق الاستوائية، وينتقل عبر الاتصال المباشر بالحيوانات المصابة أو من خلال الاتصال الوثيق بالأشخاص المصابين أو المواد الملوثة.

الجهود الدولية لمكافحة جدري القردة تكثفت في ظل هذه الأزمة، حيث ساهمت منظمة الصحة العالمية وعدة شركاء دوليين في توفير الموارد اللازمة للكشف المبكر والعلاج والتطعيم. تم توزيع اللقاحات في المناطق الأكثر تأثراً، وأُجريت حملات توعية صحية لتعزيز الوقاية والسيطرة على العدوى. 

بالإضافة إلى ذلك، تم تعزيز الرقابة على الحدود والتدابير الصحية لمنع انتشار المرض إلى مناطق أخرى. على الرغم من هذه الجهود، يبقى التحدي قائماً في ضوء النقص الحاد في البنية التحتية الصحية والموارد في العديد من الدول الأفريقية.

الحاجة إلى تعزيز الأنظمة الصحية والتعاون الدولي أصبحت أكثر إلحاحاً لضمان فعالية الاستجابة للأوبئة مثل جدري القردة ولحماية الصحة العامة على المدى الطويل.

الكوليرا والوفيات في افريقيا 

الكوليرا، الوباء الذي يعود بين الحين والآخر ليذكر العالم بأهمية النظافة وتوفير المياه النظيفة، لا يزال يمثل تحدياً كبيراً في العديد من الدول الأفريقية. حسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية لعام 2024، شهدت القارة الأفريقية تسجيل حوالي 150 ألف حالة إصابة بالكوليرا، مما أدى إلى أكثر من 2,900 حالة وفاة. الكوليرا، التي تنتقل عبر الماء الملوث ببكتيريا الفيبريو كوليرا، تظهر بشكل أساسي في المناطق التي تعاني من نقص في البنية التحتية الصحية والصرف الصحي.

الجهود الدولية والإقليمية مستمرة لمكافحة هذا المرض من خلال تحسين الوصول إلى مياه الشرب النظيفة وتعزيز البنية التحتية الصحية. منظمات مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف تعمل بشكل وثيق مع الحكومات المحلية لتنفيذ برامج تطعيم واسعة النطاق وحملات توعية للحد من انتشار الكوليرا. بالإضافة إلى ذلك، تم توفير الموارد والدعم لتحسين الصرف الصحي وتقديم التعليم الصحي للمجتمعات المعرضة للخطر.

على الرغم من هذه الجهود، لا يزال الطريق طويلاً قبل القضاء على هذا المرض بشكل كامل في أفريقيا. يتطلب الأمر تعاوناً مستمراً وتمويلاً كافياً لتحقيق التقدم المستدام في محاربة الكوليرا وتحسين الظروف الصحية لملايين الأشخاص في القارة.

الملاريا والمناطق الاستوائية الافريقية 

الملاريا تعد واحدة من أكثر الأمراض فتكًا في القارة الأفريقية، حيث تمثل تهديدًا مستمرًا للصحة العامة، خاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. في عام 2024، سجلت منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يقارب 200 مليون حالة إصابة بالملاريا في أفريقيا، مما أسفر عن وفاة حوالي 400 ألف شخص. هذه الأعداد تشير إلى استمرارية المرض كواحد من أبرز التحديات الصحية في القارة.

الإصابة بالملاريا تحدث عندما يلدغ الشخص بعوضة مصابة بطفيليات الملاريا، وهي البعوضة التي تعرف باسم الأنوفيلة. الظروف المثالية لتكاثر هذه البعوضة تشمل المناخ الدافئ والرطب ووجود مسطحات مائية، وهي ظروف شائعة في العديد من الدول الأفريقية. فقر البنية التحتية ونقص الوصول إلى الرعاية الصحية يزيدان من صعوبة السيطرة على انتشار المرض.

في مواجهة هذه التحديات، تعمل المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية وصندوق الدعم العالمي بالتعاون مع الحكومات المحلية على تعزيز برامج الوقاية والعلاج. تشمل هذه البرامج توزيع الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات، الرش الداخلي بالمبيدات، وتوفير العلاجات الدوائية المضادة للملاريا بأسعار معقولة.

على الرغم من هذه الجهود، لا يزال القضاء على الملاريا يتطلب جهدًا عالميًا مستمرًا وموارد كافية لضمان القضاء على هذا المرض كتهديد للصحة العامة في أفريقيا.

الإيدز نقص المناعة البشرية والوفيات الافريقية 

الإيدز، المعروف أيضًا بالفيروس النقص المناعي البشري (HIV)، يمثل واحدًا من أكبر التحديات الصحية في العالم، وخصوصًا في القارة الأفريقية حيث يتركز أكبر عدد من الأشخاص المصابين بالفيروس عالميًا. الإيدز يؤدي إلى تدهور جهاز المناعة للمصابين به، مما يجعلهم أكثر عرضة لمجموعة واسعة من الالتهابات والأمراض المعدية والأورام السرطانية التي قد تكون قاتلة.

انتشار الإيدز في أفريقيا:

أفريقيا جنوب الصحراء تظل الأكثر تأثراً بالفيروس، حيث توجد فيها نسبة كبيرة من المصابين عالميًا. بحسب منظمة الصحة العالمية، في عام 2024، يعيش في هذه المنطقة ملايين الأشخاص المصابين بالفيروس، مع تسجيل آلاف الوفيات سنويًا بسبب الأمراض المرتبطة بالإيدز. تعزى هذه الأعداد المرتفعة لعدة عوامل، منها نقص الوصول إلى الخدمات الصحية الفعالة، الفقر، وعدم كفاية التعليم الصحي.

التحديات والجهود الدولية

الجهود الدولية لمكافحة الإيدز في أفريقيا تشمل توزيع العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية التي تمكن المصابين من العيش حياة طويلة وصحية. كما تعمل منظمات عالمية مثل اليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز (UNAIDS) على تعزيز برامج التوعية والوقاية، التي تشمل تعليم الشباب والفئات الأكثر عرضة للخطر عن طرق انتقال الفيروس وكيفية الوقاية منه.

التحدي الأكبر يكمن في تغيير النظرة المجتمعية التي غالبًا ما ترتبط بالوصمة والتمييز ضد المصابين بالإيدز، مما يؤدي إلى تأخير الأشخاص في طلب الرعاية الصحية. لذا، تعمل الحكومات والمنظمات الدولية على مكافحة هذه الوصمة وتحسين البيئة العامة للدعم النفسي والمجتمعي للمصابين، مما يُسهم في النهاية في تقليل الانتشار وتحسين نوعية حياة المصابين بالفيروس.

الإيبولا والمجهودات الدولية 

مرض الإيبولا، واحد من الأمراض الفيروسية الأكثر فتكًا التي عرفها العالم، يظل تهديدًا صحيًا مستمرًا في بعض مناطق أفريقيا، خاصةً في الدول التي تعاني من تحديات بنيوية وصحية كبيرة. الإيبولا، الذي ينتقل عن طريق الاتصال المباشر بسوائل الجسم من شخص مصاب أو من الحيوانات البرية المصابة، يمكن أن يؤدي إلى وفاة حتى 90% من المصابين دون علاج فعّال.

في السنوات الأخيرة، وتحديدًا في عام 2024، شهدت دول مثل الكونغو الديمقراطية وأوغندا تفشيات متقطعة لفيروس الإيبولا، مما دفع المجتمع الدولي والمحلي لتكثيف جهودهم في مكافحة الفيروس. على الرغم من التحديات الكبيرة، فقد تمكنت الفرق الصحية من الاستجابة بسرعة لتفشي الإيبولا من خلال إقامة مراكز علاج متخصصة وتوزيع اللقاحات التي أثبتت فعاليتها في الحد من انتشار المرض.

الجهود الدولية، بما في ذلك دعم منظمات مثل منظمة الصحة العالمية والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، تركز على تحسين النظم الصحية، تعزيز القدرات المحلية للتشخيص المبكر والعلاج الفوري، وتوفير التدريب اللازم للعاملين الصحيين. هذه الجهود مكنت من خفض معدلات الوفيات والتحكم في انتشار الإيبولا بشكل أكثر فعالية مقارنة بالسنوات السابقة.

ومع ذلك، يظل التحدي قائمًا في الحفاظ على هذه الجهود وتوسيعها لتشمل مناطق أكثر عرضة للخطر، مما يتطلب التزامًا طويل الأمد من الحكومات الأفريقية والدعم المستمر من المجتمع الدولي لضمان ألا يعود الإيبولا ليشكل تهديدًا كبيرًا على الصحة العامة في القارة.

السل أقدم الأمراض فتكاً في العالم 

مرض السل، المعروف أيضًا باسم الدرن، يظل أحد أكثر الأمراض المعدية فتكًا في العالم، ويشكل تحديًا صحيًا كبيرًا، خصوصًا في الدول ذات الموارد المحدودة مثل تلك الموجودة في أفريقيا. يسبب السل بكتيريا تُعرف باسم “المتفطرة السلية” (Mycobacterium tuberculosis)، وينتقل عبر الهواء عندما يقوم شخص مصاب بالسعال أو العطس.

في أفريقيا، تتأثر العديد من الدول بشكل كبير بالسل بسبب عوامل متعددة تشمل الفقر، نقص التغذية، الكثافة السكانية العالية، والتداخل مع أمراض أخرى مثل الإيدز، مما يجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بالمرض. يعتبر السل أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الأشخاص المصابين بالفيروس النقص المناعي البشري (HIV)، مما يعقد جهود السيطرة على كلا الوباءين.

الاستجابة العالمية لمكافحة السل تشمل تحسين الوصول إلى التشخيص الدقيق والعلاج الفعال، والذي يمكن أن يكون طويل الأمد ويتطلب تناول عدة أدوية لمدة تصل إلى ستة أشهر أو أكثر. المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز، السل والملاريا، تلعب دورًا حيويًا في تمويل ودعم برامج مكافحة السل. هذه الجهود تشمل أيضًا الحملات التوعوية للحد من الوصمة المرتبطة بالمرض وتحسين مستويات الوعي الصحي.

على الرغم من هذه الجهود، يظل السل مشكلة صحية رئيسية في أفريقيا تتطلب تعزيزًا للبنية التحتية الصحية، تحسين ظروف المعيشة، واستمرار الدعم الدولي للقضاء على هذا المرض كتهديد عام.

عربي بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى