ثقافة وفن

أحمد مسعود: الانتفاضة الثقافية الفلسطينية في زمن الحرب

التاج الإخباري – في ظل الحرب الإسرائيلية الأطول على غزة، وجد الأدباء والفنانون الفلسطينيون أنفسهم أمام تحدٍ مزدوج: نقل معاناة شعبهم إلى العالم، ومحاولة الصمود وسط الألم.

استضاف برنامج “ريفريم” ، الذي تقدمه الكاتبة فاطمة بوتو لقناة الجزيرة الإنجليزية، الكاتب والمخرج الفلسطيني أحمد مسعود، الذي نشأ في مخيم جباليا للاجئين ويكرّس أعماله لسرد القصص اليومية من فلسطين.

كتب أحمد رواية “مهما حدث” (Come What May) ذات الطابع البوليسي، والمسرحية الكوميدية السوداء “صانع الكفن” (The Shroud Maker)، تحدث عن تأثير الحرب على العائلات الفلسطينية، مستعرضا المأساة الشخصية التي عاشها بفقدان شقيقه خالد.

واستهل مسعود حديثه بكلمات مؤثرة عن مقتل شقيقه خالد في 22 يناير/كانون الثاني، عندما استهدفته طائرة مسيرة إسرائيلية من نوع “كوادكوبتر” أثناء ذهابه لشراء الخبز لعائلته. هذه الطائرة، التي وصفها بأنها مزيج بين الطائرة بدون طيار والمروحية، يُعتقد أنها تعمل بالذكاء الاصطناعي وتتخذ قرارات القتل ذاتيا.

ويقول مسعود “أُصيب خالد برصاص الطائرة المسيرة، وتقدّمت الدبابات إلى المنطقة، فظلّ ينزف في الشارع 3 أيام وسط القصف المكثف. ولم يتمكن أحد من الوصول إليه. وعندما استطاع أبناؤه وأبناء عمومته أخيرا سحبه، كان لا يزال على قيد الحياة، لكنه توفي أثناء نقله إلى المستشفى على عربة يجرّها حمار. ولو توفرت سيارة إسعاف أو مسعفون، ربما كان سينجو، لكنه لم يحظَ بهذه الفرصة”.

التعامل مع الألم

عن تجربة العيش في المنفى، يعترف مسعود بأنه لا يعرف كيف يتعامل مع مشاعره وسط هذه الأزمة، لكنه يرى في الكتابة ملاذا وعلاجا نفسيا يساعده على مواجهة الصدمة.

“أحاول أن أبقى قويا من أجل عائلتي، أقدم لهم الدعم العاطفي والمالي، وأساعدهم على البقاء على اتصال ببعضهم البعض. لكن في النهاية، الكتابة هي الشيء الوحيد الذي يمنحني بعض الراحة. إنها تتيح لي التعبير عن تلك المشاعر المكبوتة، سواء في شكل قصيدة، أو قصة قصيرة، أو حتى مسرحية. الفن يسمح لي بتفريغ الألم، وتحويله إلى شيء يمكنني النظر إليه دون الشعور بنفس الجروح التي أحدثها”.

ويرى أحمد مسعود أن الفن هو مساحة للأمل وخلق عوالم بديلة، حيث يمكن للفنان أن يرسم واقعا جديدا أو يسائل الواقع القائم. ومن خلال الأدب والمسرح، يسعى إلى إلقاء الضوء على التجربة الفلسطينية بطريقة إنسانية تتجاوز العناوين الإخبارية الجافة.

ويؤكد مسعود أن الفلسطينيين لا يملكون سوى الأمل والقدرة على الحكي، مشددا على أن الرواية والشعر والمسرح ليست مجرد أدوات تعبير، بل هي أيضا أدوات مقاومة تحفظ الذاكرة وتنقلها للأجيال القادمة.

حفظ للذاكرة الفلسطينية

يرى الكاتب والمخرج الفلسطيني أحمد مسعود أن الفن شكل من أشكال المقاومة، وأن الكتابة ليست فقط وسيلة للتعبير، بل أداة للحفاظ على التاريخ الفلسطيني في وجه محاولات الطمس والتدمير. في حواره مع فاطمة بوتو، تحدث مسعود عن تأثير الحرب على غزة، وكيف تغيرت حياته ككاتب خلال العام الماضي، حيث أصبح حسابه على إكس (تويتر سابقا) منصة لتوثيق يوميات الحرب، كما بدأ في كتابة الشعر لأول مرة.

ويؤكد مسعود أن الكتابة أصبحت بالنسبة له رد فعل مباشر على الدمار الذي يحيط به، ويقول “لم أكن أكتب الشعر من قبل، لكنني بدأت ذلك عندما فقدت شقيقي، لأنني لم أستطع التعبير عن مشاعري في شكل مسرحية أو قصة لها حبكة ونهاية. لا توجد نهاية هنا، الأمر واضح: إنها إبادة جماعية. كيف يمكن للمرء أن يعبّر عن ذلك؟”.

وأشار إلى أن فقدان غزة التي يعرفها جعله عاجزا عن التعرف على المدينة التي نشأ فيها، مضيفا “لطالما كتبت عن غزة التي كانت، وأتمنى أن أكتب عن غزة التي ستكون، وليس عن غزة التي يراها الجميع اليوم في الأخبار، مجرد أنقاض ودمار”.

الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى