ثقافة وفن

تجييل الشعراء.. إشكالية زمنية تعيق الإبداع الأدبي

التاج الإخباري – تواجه حركة الشعر العراقي إشكاليات تتعلق بتقسيم الشعراء وفق أطر زمنية ضيقة، حيث يتم تصنيفهم بناءً على الأجيال والأعمار. وقد حاول البعض إعطاء طابع خاص لكل جيل من الشعراء، مما أدى إلى ظاهرة تُعرف بالتجييل العقدي.

في هذا السياق، صدر كتاب “الحقيقة والوهم.. في تجييل الشعر العراقي” للناقدة والأكاديمية نادية هناوي، والذي يعيد النظر في ظاهرة تصنيف الشعراء وفق موجات زمنية. وأكدت هناوي في تصريحاتها أهمية إعادة الاعتبار للإبداع الأدبي بعيداً عن الإطارات الزمنية المفتعلة، من أجل صياغة فهم نقدي أعمق.

يُعرّف التجييل بأنه مفهوم زماني يصنف المبدعين في مجموعات وفق ملامح مشتركة وسياقات معينة. وقد اختلف النقاد في تحديد مدة كل جيل، فبعضهم اعتبرها عشرين عاماً، بينما رأى آخرون أنها تصل إلى خمسة وعشرين أو حتى ثلاثين عاماً. وقد بدأ التجييل في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، واستمر في التأثير على الأدب العالمي، خاصة خلال الستينيات من القرن العشرين.

تظهر الفجوة بين التجييل كمفهوم أدبي وبين كونه مجرد تقسيم زمني، حيث يُعتبر الفهم الشائع للتجييل تحقيباً تاريخياً لا يأخذ بعين الاعتبار التفاوت في العطاء الإبداعي بين الأدباء. بينما يعتمد الفهم الأدبي على تصنيف الأدباء وفق معايير زمنية مدروسة، تتضمن المنظورات الثقافية والنخبوية.

وعبر العقود الماضية، ساهم النقاد والأدباء في ترسيخ فكرة التجييل، لاسيما في ظل الظروف الاستثنائية التي شهدها العراق. وتبرز اليوم تعابير مختلفة في الأدب العراقي، مثل “جيل ما بعد الستينيات” و”جيل ما بعد الرواد”، مما يعكس استمرار هذه الظاهرة.

ورغم تأثير التجييل العقدي على حركة الشعر، يرى البعض أنه قد يكون محاولة لتجزئة الحركة الشعرية، في حين قد يُعتبر أيضاً إطاراً لفهم تطور الشعر. ومع تزايد استخدام الشعراء لوسائل التواصل الاجتماعي، يبرز التساؤل حول ما إذا كانت هذه المنصات قد أسهمت في تفكيك مفهوم التجييل أو عززته.

وفي النهاية، ينبغي النظر إلى الإبداع كعملية مستمرة تعبر الأجيال، بعيدة عن قيود العمر والزمن، مما يعزز أهمية الموهبة والتجديد الفني في الشعر.

الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى