ثقافة وفن

الصحفي رجا طلب يلقي محاضرة بعنوان “صورة الاحتلال الصهيوني في العالم بعد طوفان الأقصى “

التاج الإخباري – القى الكاتب الصحفي رجا طلب، مساء الثلاثاء، محاضرة تحت عنوان “صورة الاحتلال الصهيوني في العالم بعد طوفان الأقصى “.. ( عندما انتصر الدم على السيف ) .

وتحدث طلب خلال المحاضرة حول معركة طوفان الاقصى قائلاً إن طوفان الاقصى هو نقطة تحول فارقة لها ما بعدها في الصراع العربي – الاسرائيلي .

وأشار في حديثه إلى ملاحظتان اساسيتان، الأولى ان هذه الحرب بين الاحتلال والمقاومة في غزة هي الاطول والاعنف في تاريخ الصراع الممتد والمتواصل منذ 75 سنة، والثانية تتشكل بان هذه الحرب مستمرة منذ تسعة شهور وتكبد خلالها الاحتلال خسائر فادحة بشرية ومادية وتحول سكانه اما الى لاجئيين كما في شمالي فلسطين او في غلاف غزة او الى هاربين الى بلدانهم الاصلية ويقدر عددهم بنصف مليون ، والخسائر المادية للاحتلال تقدر باكثر من 37 مليار دولار اما الخسائر البشرية في جيش الاحتلال فتقدر باكثر من الف قتيل .

وتالياً ما قاله رجا خلال المحاضرة (النص كاملاً):

هناك صورتان علقتا في العقل العالمي او الدولي عن ” دولة الاحتلال ” الصورة الاولى هي ان اسرائيل دولة تعيش في وسط عالم عربي واسلامي يرفض وجودها ويريد القضاء عليها.

الصورة الثانية : اسرائيل دولة ديمقراطية ، متحضرة تنتمي للحضارة الغربية ولديها قدرات ابداعية وصناعية وتكنولوجيا متقدمة و لديها جيش قوى يعد الاكثر اخلاقية في العالم .

تغطت اسرائيل بهاتين الاكذوبتين على مدى 75 عاما رغم مئات المذابح والمجازر التى ارتكبها هذه الكيان المصطنع بحق الشعب الفلسطيني ، الا ان هذه الصورة لاسرائيل والتى ساهمت وسائل الاعلام الاميركية والبريطانية والاوروبية على مدى تلك العقود بغرسها في ” جمجمة الراس العالمي ” عبر اكبر عملية غسل دماغ ممنهجة على مستوى التاريخ الانساني فجاة وبعد شهرين تقريبا من بدء عملية طوفان الاقصى بدات هذه الصورة تتغير وفي اكثر من اتجاه ، واخذ العقل العالمي او الراي العام العالمي يتلقى جرعات يومية مؤلمة ووحشية لتلك الاعمال الهمجية التى يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة وينقلها الاعلام العربي وبخاصة الفضائيات العربية العاملة في قطاع غزة وفي مقدمتها قناة الجزيرة وفناة الغد وقناة العربي وغيرها .

حاولت اسرائيل العمل بكل الوسائل على تحويل الفشل الامني والعسكري في السابع من اكتوبر الى نصر ونجاح دعائي يخلق لها تعاطفا دوليا وانسانيا ، واشرف تنياهو شخصيا مع يواف غلانت وزير الحرب على صناعة مجموعة من الاخبار الكاذبة والبربوغندا السوداء لاظهار المقاومة الفلسطينية ورجالها في غزة على انهم عبارة عن وحوش بشرية لا يستحقون العيش وهذا تماما ما قاله غلانت في خطابه الشهير الذي اسميه خطاب اللاءات الاربعة بعد يومين من عملية طوفان الاقصى حيث قال وللتذكير (“نحن نقاتل حيوانات ونتصرف وفقا لذلك، وسنفرض حصارا كاملا على قطاع غزة، لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، ولا غاز ) .

اما نتنياهو فقد صرح بعد ثلاثة ايام من طوفان الاقصى واصفا ما جرى بانه (الأفظع في تاريخ الشعب اليهودي منذ المحرقة ) .

بل شبه نتنياهو الشعب الفلسطيني بالعماليق في خطاب له في الاول من نوفمبر قال فيه ما نصه ( يجب ان تتذكروا ما فعله العماليق بكم ) ، والعماليق في هذا التوظيف للنص الديني في التوراه المقصود به ابناء الشعب الفلسطيني الذي طالب الرب بقتلهم جميعا رجالا ونساءا اطفالا وشيوخا وحتى الحيوانات والماشية ، وهنا فان نتنياهو يغطى مخططه التدميري لغزة واهلها بنص ديني لا انساني ولا يمكن لله ان يامر به .

• في 12 اكتوبر ولدى اول زيارة لوزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن فجر مكتب نتنياهو ام الاكاذيب حيث نشر صورا لاطفال ادعى ان حماس احرقتهم احياء وتحدث عن تقطيع رؤوس لاطفال ولرجال كما تحدث لاحقا عن عمليات اغتصاب لنساء اسرتهن حركة حماس .
• في 12 اكتوبر نشر موقع ( ذا غري زون الاميركي ) الذي يراس تحريره (ماكس بلومنتال ) معلومات تدحض روايات الحرق والاغتصاب التى استندت اصلا الى شخص مغمور اسمه (ديفيد بن صهيون، وهو نائب قائد الوحدة 71 في الجيش الإسرائيلي، وهو مستوطنين متطرف درج على التحريض على أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية)

• تورط الرئيس الاميركي بايدن بتبني اكاذيب نتنياهو التى نقلها له وزير خارجيته انتوني بلينكن مما اضطر البيت الابيض الى اصدار توضيح بهذا الشان بتاريخ 12 اكتوبر والذي نقلته شبكة “سي إن إن” الإخبارية عن مسؤول في الإدارة الأميركية، حيث قال إن هذه التصريحات كانت مبنية على “مزاعم” مسؤولين إسرائيليين وتقارير إعلامية محلية و أن بايدن والمسؤولين الأميركيين “لم يروا هذه الصور، ولم يتحققوا بشكل مستقل من أن حماس تقف خلف هذه المزاعم ) .

• في 19 / 11/ 2023 كشفت صحيفة هارتس ووفقا لتحقيق للشرطة الاسرائيلية ان طائرة اباتشي اسرائيلية هي من قصفت الحفل الموسيقى في منطقة ريغيم والذي ادى ذلك القصف الى مقتل 1200 وتفحم معظم الجثث كما قصفت عددا من مستوطنات غلاف غزة لاعتقادها ان هنك مقاتلين من حماس تحصنوا في تلك المستوطنات .

• في 4 / 12 / 2023 فنّدت صحيفة هآرتس العبرية ما روّجته تل أبيب عن مزاعم قطع رؤوس أطفال إسرائيليين وحرق جثثهم في هجوم حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر ، مؤكدةً أن تلك الرواية غير صحيحة ولا أساس لها في الواقع. وجاء في التحقيق أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو روّج لهذه الأكاذيب في لقاءاته مع الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن.
غزة تصرخ والعالم يرى ويسمع !!

تعد معركة طوفان الاقصى هي اول حرب في التاريخ نقُلت وتنقل لحظة بلحظة عبر الفضائيات وفي وسائل الاعلام المختلفة وهو ما ادى الى توثيق عمليات التدمير والقتل الهمجية التى يقوم بها جيش الاحتلال الذي ارتكب منذ الثامن من اكتوبر الى الان مئات المجازر راح ضحيتها حتى تاريخ 16 / 6 / 2024 ، 37 الف و337 شهيدا ، وقرابة 86 الف جريح جلهم من النساء والاطفال ومن نتائج ذلك تحول صورة هذا الكيان الى صورة غاية في القبح وانعدام الانسانية ودولة مارقة سياسيا :

ولذا فسوف اتوقف عند تلك الصورة وفي الاطر التالية :

بدا التغير الدراماتيكي والسريع نسبيا لصورة الاحتلال لدى الراي العام العالمي من ضحية وحالة متحضرة الى دولة متوحشة بعد قصف المستشفى المعمداني فجر يوم الثامن من اكتوبر 2023 ، وهي الصورة التى دفعت نتنياهو ومنظومة الدعاية لدى ” اسرائيل ” للاسراع في بث اكاذيب ما جرى في مستوطنات غزة واقصد كذبة قطع الرؤوس وحرق الاطفال والاغتصاب وبعد ساعات من هذه المجزرة بدات عواصم العالم تتحرك لانها شاهدت القتل على الهواء بفضل قناة الجزيرة وكانت واشنطن وبرلين وباريس واثينا من اوائل العواصم الغربية التى تفاعلت رفضا للهمجية الاسرائيلية حيث لم يستوعب العقل الغربي ان هناك ما يبرر قصف مستشفى مدنيا تحت اي ذريعة ومن هنا بدا كشف حقيقة الانحدار الاخلاقي والقيمي الذي وصلت اليه هذه الدولة المصطنعة ومن المهم الاشارة الى التحولات في التعاطي الاعلامي للاعلام الغربي الذي بات يجد صعوبة في الدفاع عن الكيان الاسرائيلي واخذ يستبعد تماما مصطلح معاداة السامية في تفهمه لمبررات نقد دولة الاحتلال وبخاصة التظاهرات الجامعية في اميركا وهي جامعات النخبة التى تعد تاريخيا معاقل علمية للتعاون مع دولة الاحتلال من امثال هارفارد وكولومبيا وواشنطن وتكساس وواشطن وجورج تاون والتى تعد اداراتها صهيونية او مقربة من مراكز الضغط الصهيونية .

على الرغم من التاثير الضخم لواشنطن على الامم المتحدة باعتبارها الممول الاكبر لموازنتها ( 611 مليون دولار ) سنويا بنسبة 22 بالمئة من مجمل الموازنة العامة لتلك المنظمة فقد فقدت واشنطن وبفعل الفضائع التى ارتكبت في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال السيطرة على تلك المنظمة ومؤسساتها وعجزها عن منع اصدار ما يمكن ان يؤذي اسرائيل وسمعتها دوليا .

ومن ابرز تلك القرارات ما يلي :

• قبول محكمة العدل الدولية شكوى جنوب افريقيا ضد اسرائيل باعتبارها ارتكبت جرائم ابادة جماعية في غزة والبدء بمحاكتها والمحكمة مستمرة .
• اعلان المحكمة الجنائية الدولية نيتها اصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ويواف غالانت .
• بسبب فظائع ما قام به الاحتلال في غزة سارعت كل من اسبانيا والنرويج وايرلندا وسلوفينيا ومالطا وبذلك اصبحت 13 دولة اوروبية من اصل 27 دولة تعترف بدولة فلسطين ، وقبل اسبوع اعلنت جمهورية ارمينيا اعترافها بالدولة الفلسطينية .
• ادراج دولة الاحتلال على قائمة العار الخاصة بالدول التى ترتكب جرائم ضد الاطفال ، وهذه القائمة هي ملحق تقرير الأمين العام للمنظمة الأممية أنطونيو غوتيريش السنوي حول الأطفال ضحايا النزاعات المسلحة وهذه القائمة تضم داعش وحركة بوكوحرام وطالبان .
• في العاشر من هذا الشهر ولاول مرة في تاريخ الصراع اي منذ 75 عاما تضطر الولايات المتحدة لتقديم مشروع قرار لوقف اطلاق النار والذي كان بهدف منح نتنياهو فرصة لوقف اطلاق النار وحفظ ماء وجهه وكما هو متوفع ادار ظهره للقرار وكانه غير موجود .


• كان قرار منع الشركات الاسرائيلية العسكرية من المشاركة في معرض يوري ستوري للسلاح في باريس والذي الغته محكمة الاستئناف الفرنسية تعبيرا مهما وصارخا عن ان العالم المتحضر بات يعتبر هذا الكيان حالة لا انسانية ومخزية وللاسف الغت محكمة الاستئناف الفرنسية قبل ايام هذا القرار على خلفية باعتباره يحمل تميزا ضد اسرائيل .

يمكنني القول انه في هذا المجال الحيوي جدا والمؤثر خسرت اسرائيل المعركة سواء على صعيد الصورة او الخطاب ، فاسرائيل فقدت صورة الضحية ، وفي الخطاب فقدت ثلاثة عناصر كان يرتكز عليها الخطاب الاسرائيلي وهذه العناصر هي :

اولا : انها تخوض حربا مقدسة وعادلة .

ثانيا : انها في حالة دفاع عن النفس .

ثالثا : اصبحت عبارة الجيش الاكثر اخلاقية في العالم مدعاة للفكاهة والتندر .

من الناحية العملية اخترق مناصرو القضية الفلسطينية من عموم الجنسيات والايدلوجيات الفضائيات التى كانت محسوبة او مغلقة على الخطاب الصهيوني، وتعالت وبشدة اصوات عدد من الشخصيات اليهودية ثقيلة الوزن تعرى الخطاب العنصري والنازي لدولة الاحتلال ومن ابرز هذه الشخصيات :

• المفكر نورمان فنكلستاين صاحب خطبة ” دموع التماسيح “
• المفكر نعوم تشومسكي المدافع الصلب عن عدالة نضال الشعب الفلسطيني وصديق المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد والذي توفى قبل اسبوعين .
• المؤرخ والمفكر ايلان باببيه الذي يصف دولة الاحتلال بانها دولة ” يهوذا ” اي دولة دينية عنصرية .
• ماكس بلومنتال رئيس تحرير مدونة ( ذا غري زون )التى فضحت كذبة نتنياهو عن تقطيع الرؤوس .
• المؤرخ افي شلاليم الذي انتقد الاحتلال ووصفه بانه يمارس القتل والارهاب وينزع عن دولته اي مشروعية تاريخية .
• الكاتب والمؤرخ جدعون ليفي الكاتب في هارتس .
وفي موضوع الصورة فقد ورطت عنجهية الاحتلال وجنون العظمة لدى جنوده ، تورط في توثيق جرائم ارتكبها بنفسه وتفاخر فيها ولا يستطيع انكارها ومن هذه الجرائم والتى تعد بعشرات المئات ما يلي :
• في مقطع فيديو صور في غزة في أواخر يناير/كانون الثاني 2024، وقف جندي إسرائيلي مبتسمًا بينما كان جيش الإحتلال الإسرائيلي يفجر حيًا بأكمله كهدية عيد ميلاد لزوجته .
• مقطع فيديو صوره احد الجنود الإسرائيليين لزملائه وهم يجبرون معتقلين فلسطينيين معصوبي الأعين على تسليم أنفسهم كعبيد.
• أظهرت مقاطع فيديو وصور منتشرة على نطاق واسع في حوالي 7 ديسمبر/كانون الأول 2023، عشرات الرجال الفلسطينيين في شمال غزة معصوبي الأعين، وعاريين جزئيًا، راكعين على الأرض، تحت حراسة جنود إسرائيليين.
• في فبراير 2024، انتشرت صورة على نطاق واسع تظهر جنديًا من جيش الإحتلال الإسرائيلي يقف فوق رجل فلسطيني جريح عارٍ من ملابسه ومقيد ، وردت وزارة الخارجية الأمريكية وقتها على الصورة المنتشرة قائلة إنها “منزعجة للغاية”. وتم ذكر الصورة في تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية.
• صور الاطفال الرضع الذين ماتوا جوعا وتحولوا الى هياكل عظمية او الاطفال الخدج الذين تم اخراجهم من الحاضنات في مستشفيات غزة وبخاصة مجمع مستشفى الشفاء .
• صورة التدمير لمجمع الشفاء وكيف تحول اكبر صرح طبي في القطاع الى خراب .

اما الصورة الاهم بعد تسعة شهور من العدوان على قطاع غزة فهي لنتنياهو نفسه الذي تحول لقبه من ملك اسرائيل او سيد الامن الى كاذب ابن كاذب الذي اطلقه المتظاهرون الاسرائيليون في شوارع تل ابيب والقدس المحتلة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى