حديث البلد

مشاركة “البوتاس العربية” في مؤتمر أرجوس للأسمدة في أوروبا (Argus Fertilizer Europe Conference)

التاج الإخباري – شَهِدَت العاصمة اليونانية أثينا استضافتها لحدثٍ بارز في مجال الأسمدة، حيث عُقِدَ “مؤتمر أرجوس للأسمدة في أوروبا “، والذي تنظمه مؤسسة أرجوس (Argus)، ويعدُّ هذا المؤتمر بمثابة منصة استراتيجية لبحث التحديات والفرص التي تواجه قطاع الأسمدة عالميًّا، وذلك في ظلِّ التحوُّلات العالمية نحو الطاقة المستدامة، مع حضور نخبة من القادة وصناع القرار في القطاع.

ويأتي هذا المؤتمر في وقتٍ يتطلب من قادة الصناعة والخبراء في قطاع الأسمدة على المستوى العالمي تقديم رؤى واضحة حول كيفية تحقيق التوازن بين الحاجة الملحة لتحقيق الأمن الغذائي واستمرار الابتكار في مجال الوقود المستدام وتحوُّل الطَّاقة، حيث تمحوَر المؤتمر حول عدَّة محاور، منها: تأثير اللوائح الأوروبية الجديدة على سوق الأسمدة، ودور المنتجات منخفضة الكربون في إعادة تشكيل الصناعة، واستعداد العملاء للانتقال نحو نموذج أكثر استدامة في استخدام الطاقة في مجال الأسمدة.

قدَّم الدكتور معن النسور، الرئيس التنفيذي لشركة البوتاس العربية، خلال مشاركته في الندوة الرئيسية للمؤتمر مع عدد من مدراء الشركات العالمية في مجال الأسمدة، رؤية شاملة حول كيفيَّة تحقيق التوازن بين الأمن الغذائي ومتطلبات التحول في الطاقة، وخاصَّةً في ظلِّ التغيرات السريعة التي يشهدها السوق العالمي، وركَّز على أهميَّة تبنّي نهج استراتيجي يعتمد على البيانات والتحليل العلمي في صياغة السياسات المتعلقة بالطاقة المستدامة؛ لضمان أن تكون الحلول المقترحة قادرة على مواجهة التحديات العمليّة على أرض الواقع، كما وطرح رؤى حول كيفيَّة تأمين الإمدادات الغذائية وسط التحول في مجال الطاقة، وذلك من خلال تعزيز الابتكار في مجال إنتاج الأسمدة وتطوير تقنيات منخفضة الكربون تساعد في تقليل الأثر البيئي من هذه الصناعة.

وأشار الدكتور النسور إلى ضرورة التفكير فيما إذا كان العملاء مستعدين للتحول في مجال الطاقة أم لا، وأكَّد على أهمية فهم مدى وعيهم واستعدادهم لتبني ممارسات أكثر استدامة، وأعرَبَ الدكتور النسور عن استشرافه لمستقبلٍ فيه الطلب يتزايَد على الأسمدة الصديقة للبيئة، مما يستدعي قياس مدى استعداد رياديِّي الأعمال الاستثمار في هذه المنتجات، وأوضح أنَّ بناء شراكات قوية مع العملاء سيكون ضرورياً، وأنَّ الحوار المستمر والبنَّاء سيساهم في مواءمة الحلول المقترحة مع أهداف الاستدامة وضمان تلبية احتياجات العملاء خلال هذا التحول.

ومن أبرز القضايا التي تناولها الدكتور النسور خلال المؤتمر هي تأثير “آلية تعديل حدود الكربون” (CBAM) على قطاع الأسمدة، لا سيما في ضوء السياسات الأوروبية الصَّارمة المتعلقة بالانبعاثات الكربونية، وسلَّط الدكتور معن النسور الضوء على المخاطر المحتملة المترتبة على هذه الآليَّة، مثل زيادة تكاليف الإنتاج والضغط على الصناعات الزراعية في الدول النامية، ولكنَّه أكَّد على أنَّ فعاليَّة آليّة تعديل حدود الكربون في الحدّ من تسرب الكربون ودعم المنتجين الأوروبيين تعتبر أمراً حاسماً، وبيَّن أن الهدف من هذه الآلية يستحق الثناء، ودعا إلى ضمان عدم تأثير (CBAM) سلباً على القدرة التنافسية لقطاع الأسمدة الأوروبي، مشيراً إلى أن الملاحظات المستمرة من أصحاب المصلحة ستكون أساسية لتحسين الآليَّة وتحقيق أهدافها المرجوَّة.

كما وتطرق الدكتور النسور إلى المخاطر الكبيرة المرتبطة بالعواقب غير المقصودة الناجمة عن التحول في مجال الطاقة، محذراً من أنَّ مستقبل إنتاج الأسمدة في أوروبا قد يكون على المحكّ، وأشار إلى أنَّ إغلاق الإنتاج المحلي قد يزيد من الاعتماد على المورّدين الخارجيين، الذين قد يتَّصفوا في بعض الأحيان بعدم الاستقرار في سلاسل التوريد، مما يعرِّض الأمن الغذائي الأوروبي للخطر من خلال ارتفاع الأسعار وانخفاض غلَّة المحاصيل المحتملة، كما وأشار إلى خطر تسرب الكربون مع انتقال الإنتاج إلى مناطق ذات معايير انبعاثات أقلَّ صرامة، داعياً صنّاع السياسات إلى النظر في هذه العوامل لضمان وضع لوائح متوازنة تدعم الاستدامة دون التضحية بالأمن الغذائي.

وتناول الدكتور النسور استعداد سلاسل القيمة للامتثال للوائح الجديدة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي بهدف خفض الانبعاثات وتعزيز الاستدامة، مشيراً إلى ضرورة استعداد سلسلة التوريد بأكملها – بدءاً من المواد الخام وصولاً إلى التوزيع – للتكيف مع هذه التغيُّرات، وأكَّد على أنَّ ذلك يتطلب ليس فقط الاستثمار المالي، بل أيضاً التقدم التكنولوجي والبحثي، وشدَّد على أنَّ المرونة والابتكار سيكونان ضروريَّين للتعامل مع المشهد التنظيمي المتغير.

كما وتناول الدكتور النسور دور الابتكار والتكنولوجيا في تحقيق أهداف التحول في مجال الطاقة، مؤكداً على أهمية الاستثمار في تطوير أسمدة ذات بصمة كربونيّة منخفضة وتحسين كفاءة العمليات الصناعية المستخدمة في إنتاج الأسمدة. وأوضح الدكتور النسور أنَّ تبني نهج يعتمد بشكل أكبر على البيانات والعلوم في عملية التحول الطاقي أصبح أمراً ضرورياً، ويتضمن ذلك الاستفادة من البحث العلمي وتحليلات البيانات لاتخاذ قرارات مستنيرة تتماشى مع أهداف الاستدامة، وأشار إلى أهميَّة وضع مقاييس واضحة لمراقبة التقدم، معتبِراً التعاون البحثي مع المؤسسات الأكاديمية مساهِمًا أساسيًا في إيجاد حلول مبتكرة، في حين تُعزِّز الشفافية في البيانات التعاون عبر القطاع وتدفع الجميع للعمل المشترك.

وطرح الدكتور النسور تجربة شركة البوتاس العربية كنموذج للنجاح في تقليل الانبعاثات، حيث استطاعت الشركة تنفيذ مبادرات رائدة لخفض استهلاك الطاقة والتَّحوُّل المدروس إلى الطاقة المتجدِّدة وتحسين عمليَّات الإنتاج، مما جعلها قادرة على الاستجابة بمرونة لمتطلبات التحول في الطاقة، دون المساس بجودة المنتجات أو قدرة الشركة على المنافسة في الأسواق الدولية.

وفي إطار استشراف مستقبل الصناعة، دعا الدكتور النسور إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وعلى الصَّعيد والإقليمي والدولي، من أجل وضع استراتيجيات متكاملة تضمن استدامة قطاع الأسمدة وتدعم جهود الدول في تحقيق الأمن الغذائي، مع المساهمة الفعَّالة في تحقيق الأهداف العالميَّة لمكافحة التغير المناخي، والتركيز على ضرورة وجود دعم سياسي وتنظيمي قوي لتشجيع الابتكار، مما يسهم في توفير بيئة ملائمة لتحفيز الشركات على الاستثمار في التقنيات النظيفة.

واختتم الدكتور النسور كلمته في المؤتمر بالتأكيد على أنَّ التعاون هو المفتاح لمواجهة التحديات المعقدة التي تواجه صناعة الأسمدة، مشدداً على ضرورة أن يعمل جميع أصحاب المصلحة – من منتجين وعملاء ومنظمين وباحثين – بشكل مشترك للتغلب على العقبات، وبهذا يمكن القول أن التحول في الطاقة ليس تحدٍ أمام صناعة الأسمدة، بل هو فرصة لإعادة صياغة مستقبل الصناعة، وبما يتوافق مع الاحتياجات البيئية والاقتصادية على حدٍ سواء، وذلك من خلال تقديم حلول متوازنة ومبنية على أُسس علميّة، وصولًا إلى ضمان أن تكون استراتيجيات التحول الطاقي قادرة على دفع عجلة التنمية المستدامة وتلبية الطلب المتزايد على الغذاء حول العالم.

وتُعدُّ Argus التي تأسسَّت في عام 1970مؤسسة رائدة ومستقلة في تقديم المعلومات السوقية لأسواق الطاقة والسلع العالميَّة، وتقدِّم المؤسسة تحليلات، وخدمات استشارية، وأدوات علوم البيانات، ومؤتمرات صناعية لتوضيح الأسواق السلعية المعقدة وغير الشفافة، يقع المقر الرئيسي لـ Argus في لندن، وتضم أكثر من 1,400 موظف، وهي جهة إعلامية مستقلة لها 30 مكتبًا موزَّعة في مراكز تجارة السلع الرئيسية حول العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى