قطامش تكتب: “ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها.. حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفق يمينه”

التاج الإخباري – بقلم: نسرين قطامش
هيك تربينا منذ الصغر على قيم العطاء التي لا تشترط جزاءً ولا تنتظر شكرًا، وأن العمل الصالح يجب أن يكون خالصًا لوجه الله بعيدًا عن الأضواء والظهور.
خلال العامين الماضيين، وبحكم طبيعة عملنا، تشرفنا بلقاء العديد من الوفود من مختلف أنحاء العالم: أندونيسيا، ماليزيا، سنغافورة، تركيا، دول الخليج، ودول أوروبية. وقد ارتبطت زيارات هذه الوفود بالجهود الإنسانية الجبارة التي يقودها الأردن، وخاصة من خلال واجهته المشرّفة “والمشرقة الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية”
ما يدعو للفخر هو إجماع تلك الوفود على الإعجاب والاحترام والتقدير لجهود الهيئة، ولشبابها الذين يعملون بكل تفانٍ وإخلاص، وبمهنية عالية، ليلاً ونهاراً، لإغاثة أهلنا في غزة. لقد أبدعوا في كل جانب من جوانب العمل الإنساني، من تنسيق المساعدات إلى تنظيم حملات الإغاثة وتوزيعها، متحدين كل الظروف الصعبة.
أحد الزوار من سنغافورة ذكر لنا في وقت إعلان الهدنة أنه شاهد شباب الهيئة يعملون دون توقف، حيث لا ينامون أبداً، ويواصلون العمل ليلاً ونهاراً، حتى أنهم ينامون في المخازن والمكاتب- تاركين عائلاتهم وأطفالهم- لتأمين أكبر كمية من المساعدات الأساسية، وفقاً لتوجيهات ملكية مباشرة.
وهذا يقودني للتفكير في سؤال لطالما راودني:ويراودنا جميعا
لماذا نقصر إعلامياً بحق أنفسنا؟
لماذا لا نروي هذه التفاصيل والجهود العظيمة التي تبذل في خدمة الإنسانية؟
لماذا لا نسلط الضوء على هذا العمل المخلص الذي لا يهدف إلا لخدمة كل ملهوف في أحلك الظروف؟
والجواب الذي اسمعه دائما من جميع أصحاب العلاقة والقائمين على هذه الجهود الجبارة
“ما بدنا شكر على واجب”
نحن في الأردن تربينا على أصول البداوة في كرم الضيافة واغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، مهما كلفنا الأمر، حملنا هذه المبادئ معنا جيلا بعد جيل فأصبحت ثقافة الدولة بكل مكوناتها تعودنا أن نعمل بصمت، ونمنح بسخاء، دون أن نبحث عن التقدير أو الثناء.
ومع ذلك وعلى أهمية تمسكنا بقيمنا وموروثنا، لكنا بحاجة جادة لاعادة النظر في خطابنا الإعلامي في هذا المجال على المستوى الوطني والمؤسسي.
نحتاج لخطاب إعلامي يعطي الأردن حقه، سباق في رسائله، قادر على مواجهة الحروب الإعلامية، بخطاب إعلامي متوازن، ورصين، واستباقي، محافظا على رسائلنا وقيمنا ومبادئنا وبنفس الوقت يعطي الأردن “قيادة وشعبا ومؤسسات” حقه في عالم إلكتروني مليء بالضبابية والافتراء.
مدير عام مركز الحسين للسرطان، نسرين قطامش.