مقالات

قرارات سيادية وآفاق سياحية

التاج الإخباري – بقلم: هاني الدباس

في ظل المتغيرات الإقليمية والتحولات الاقتصادية العالمية، بات من الضروري أن تنظر الدول إلى سياساتها المتعلقة بالسفر والدخول بعيون جديدة، تجمع بين الحزم والسيادة من جهة، والانفتاح الاقتصادي والتحفيز السياحي من جهة أخرى.
الأردن، بخطواته الأخيرة تجاه (الجنسيات المقيدة)يقدم نموذجًا إيجابيًا في هذا السياق.

فقد بقيت بعض الجنسيات تحت قيود الدخول إلى الأردن لأعوام طويلة، ما شكّل عائقًا حقيقيًا أمام نمو قطاعات حيوية مثل السياحة العلاجية، والسياحة الدينية، وسياحة الأعمال ، هذا التقييد لم يكن بالضرورة بدافع اقتصادي، بل كان مرتبطًا بمحددات أمنية وإدارية، وهي مفهومة في سياقها العام. لكن التحوّل الذي بدأنا نلمسه اليوم يشير إلى نضج في التفكير الرسمي، وتوازن في إدارة المصالح الوطنية.

ما يحدث الآن هو مراجعة هادئة ومدروسة للسياسات المعمول بها، وفتح المجال أمام جنسيات كانت مقيّدة سابقًا، عبر تسهيلات تدريجية ومدروسة تضمن تدفق الزوار الجادين، خصوصًا من الراغبين بالعلاج، أو الاستثمار، أو قضاء إجازة في بيئة آمنة وثقافية غنية.

السياحة العلاجية تحديدًا، مثلت فرصة اقتصادية فريدة للأردن. الذي يمتلك بنية تحتية طبية متقدمة، وكفاءات بشرية مؤهلة، وأسعار تنافسية مقارنة بدول الجوار والإقليم فما الذي كان يمنع آلاف المرضى من القدوم والاستفادة؟ الجواب ببساطة: التأشيرة.

اليوم، نحن أمام واقع جديد اساسه تسهيلات الدخول ما لا يعني ايضاً التفريط بالسيادة أو التهاون بالضوابط الأمنية، بل تعني القدرة على التمييز بين الزائر الحقيقي ومن يسعى للعبث ، وتعني كذلك أن الأردن بات أكثر وعيًا بأهمية الاستثمار بمكانته وسمة شعبه المضياف ، وانفتاحه، وجاذبيته في عيون العالم.

هذه الخطوات، إن استمرت ورافقها تسويق فعّال ومتابعة دقيقة، ستنعكس بشكل مباشر على معدلات الإشغال في الفنادق، وأعداد المرضى العرب في المستشفيات ، وحجم الإنفاق السياحي، ناهيك عن الأثر الإيجابي على صورة الأردن إقليميًا ودوليًا ، ولنا في ذلك تجربة كبيرة وضعتنا في المرتبة الاولى عربيا والخامسة عالمياً على مدى سنوات طويلة في مجال جذب السياحة العلاجية والاستشفائية.
التحولات الذكية تبدأ بقرارات جريئة، والخطوة الأخيرة تجاه تسهيلات دخول بعض الجنسيات هي إحدى هذه القرارات التي تستحق الإشادة، وتستوجب الاستمرار والبناء عليها.
ان ما سجله الأردن على صعيد السياحة العلاجية في العديد من التخصصات الطبية جعلته مقصداً لملايين العرب الراغبين من الاستفادة من قدراتنا الطبية الاستثنائية وبيئتنا الجاذبة بسبب حالة الامن والأمان التي ضاهينا بها دول المنطقة كاملة اضافة لامكاناتنا السياحية وأسعارنا المنافسة .
لقد مثلت الرعاية الملكية المباشرة لهذا القطاع والتي عبر عنها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في العديد من المحافل الدولية واللقاءات التلفزيونية جوهر نجاحاتنا في السياحة العلاجية التي تحتاج عودتها اليوم بقوة كرافد اقتصادي متين للمملكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى