مقالات

القضاة يكتب: صناديق دعم الفقراء.. جهود مبعثرة بحاجة إلى اعادة نظر

التاج الإخباري – بقلم: مدير ومستشار سابق / وزارة التخطيط والتعاون الدولي د. محمد امين مفلح القضاة

تعمل العديد من الجهات الحكومية والشعبية والهيئات المحلية والعربية والعالمية على الحد من الفقر ودعم الفقراء والمحتاجين؛ ويتم ذلك من خلال رصد المخصصات المالية اللازمة في موازنات مختلف الصناديق والوزارات التي توكل إليها هذه المهمة أو من خلال جمع التبرعات من هنا وهناك.

وتعمل هذه الصناديق واللجان والجمعيات الخيرية منذ سنوات على دراسة الحالات التي تردها وتقدّم الدعم المادي عن طريق تخصيص رواتب شهرية ومعونات سنوية…. والمفترض هنا وبعد عدة سنوات من العمل أن يتناقص اعداد الفقراء والمعوزين ونصبح بالتالي مجتمعاً مكتفياً بعيدين عن مجتمعات الفقر… لكن للأسف الشديد ما يحصل هو العكس…رغم أن العديد من الصناديق والتكايا واللجان والجمعيات تعمل صيف شتاء على جمع التبرعات وتقديم المعونات أيضاً لفئة من الفقراء وفقاً لدراساتهم !!

وهنا اقول وبكل صراحة لن نستطيع القضاء على الفقر والبطالة أو حتى الحد من تفشيهما طالما أن جهود القائمين على ذلك مشتتة… وقواعد البيانات مهترئة..ونوايا بعض القائمين على العملية عكس ما يظهرون.. فلا يعقل أن لا تتناغم كل الجهود للوصول إلى الغاية المقصودة..فالذي لاحظنا أنّ كله بيعطي وكله بياخد.. وكلما ازدادت الجهات زاد الفقر!
إن توحيد كل الصناديق (المعونة/الزكاة/الضمان وتمكيناته/والتكايا / واللجان والجمعيات الخيرية وسرسرة بعض القائمين عليها) هو الحل وربما يكون عاملاً رئيسا في تحقيق الهدف) فتشتيت الجهود الرامية إلى الحد من مشكلة الفقر في بلدٍ لا يتجاوز عدد سكانه المعنيين بالدراسة الستة ملايين لم ولن تخدم الفقراء؛ لأن ما تقوم به هذه الجهات مجتمعةً هو دراسات عشوائية وفي معظم الأحيان غير موضوعية وخاصة تلك التي تقوم بها اللجان التابعة لهذه الجمعية أو تلك…وبالتالي نجد بأن الفقر يزداد والشبهات حول عمل هذه الجهات أيضاً تزداد…فلا يعقل أبداً أن تكون هناك المصداقية والهدف الواضح ولكنها كما قلت جهود فردية ينتابها الخلل والمزاجية في كثيرٍ من الأحيان.

على الحكومة تشكيل لجنة متخصصة لدراسة توحيد كافة الجهود وإيجاد جهة واحدة فقط تعني بهذا الأمر؛ وعدم ترك الأمور على ما هي عليه لأن الخاسر الأول والأخير هو الفقير المعوز… والمسكين المتعفف الذي لا يمد يده لغيره حتى لو قطعوها.. وعلى هذه الجهة المتفق عليها ولتكن صندوق المعونة الوطنية بحلته الجديدة العمل على اجراء دراسة شاملة من جديد لكافة أعمالها… والاستعانة بالخبراء المعنيين بمثل هذه الأمور والخروج بتصوّر واضح لكيفية تفعيل العمل والبعد كل البعد عن الروتين المتبع حالياً.
واذا تم هذا الأمر وتوحدت الجهود والصناديق والتكايا واللجان وجب على الحكومة منع نشاط أي فئة أو لجنة من جمع التبرعات والزكوات وغيرها إلا من خلال مظلة الصندوق… ولا يوجد أبدا ما يمنع من الاستعانة بهذه اللجان لحصر الفقراء والمحتاجين بحُكم عملهم السابق… ولا يوجد ما يمنع ابدا وقتذاك من تكليفهم بالجمع حسب الأصول ومنحهم نسبةً مئوية مما يجمعوه كونهم من العاملين عليها… وصفتهم هنا تشبه بالضبط صفة مندوبي التسويق والاعلان فقط!

وعلى الجهة الجديدة أيضاً التفكير الجاد لايجاد مشاريع انتاجية حقيقية تنقل الفقير من متلقٍ لمعونة مستهلكة الى منتج يساهم في حل المشكلة… فلا يعقل أبداً الاستمرار بمنح رواتب لا تفي باحتياجاتهم… فهناك العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر يمكن تأسيسها لهذه الفئة وبعكس ذلك ستكون كل الجهود المبذولة مثل حراث الجمال…وصك سوالف …وحبر على ورق
دمتم بحفظ الله ورعايته… وحمى الله الوطن من المتشدقين والمفرهلين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى