مقالات

قطاع سياحي مع وقف التنفيذ .. إلى متى!؟

التاج الإخباري – بقلم: هاني الدباس

لطالما كان الأردن واحدًا من أبرز الوجهات السياحية في الشرق الأوسط، فهو يضم تاريخًا ضاربًا في القدم، ويتميز بتنوع طبيعي وثقافي فريد ، فمن البتراء الوردية إلى البحر الميت، ومن وادي رم إلى جرش، يبقى الأردن بلد الـ مقومات السياحية الاستثنائية بامتياز ما يجعله منافسًا قويًا على خارطة السياحة العالمية.

رغم ذلك ، ما زال السؤال الأكثر إلحاحًا: لماذا لا تزال السياحة الأردنية رهينة الظروف السياسية والمتغيرات الإقليمية؟ ولماذا لا يضع أصحاب القرار السياحة اولوية تجعل من هذا القطاع ركيزة اقتصادية قوية لا يؤثر فيها حدث او ازمة في المنطقة؟

في السنوات الأخيرة، شهدت دول مجاورة تطورات غير مسبوقة في قطاع السياحة، مدفوعة برؤى واضحة واستراتيجيات طموحة تجاوزت حدود التفكير التقليدي. بينما استثمرت دولة الإمارات في السياحة الفاخرة والابتكار، وعملت السعودية على تطوير مشاريع ضخمة لجذب ملايين السياح، لا يزال الأردن عالقًا في حلقة مفرغة من الاعتماد على السياحة الأثرية التقليدية دون تنويع حقيقي في المنتج السياحي.

المشكلة ليست في ضعف المقومات، بل في غياب التخطيط الجريء والإرادة الحقيقية لخلق صناعة سياحية متكاملة قادرة على الصمود في وجه التحديات.

وما زال التسويق السياحي الأردني متواضعًا، يفتقر إلى الابتكار والاستراتيجيات الفعالة للوصول إلى الأسواق العالمية. في عصر تهيمن عليه التكنولوجيا الرقمية، حيث أصبحت قرارات السفر تُبنى على التوصيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل اننا لم نستثمر هذه التكنولوجيا كما ينبغي.

وفيما توظف دول العالم الذكاء الاصطناعي والتحليلات الرقمية لفهم سلوك السياح وتقديم تجارب مصممة خصيصًا لهم، لا تزال الحملات الأردنية تعتمد على أساليب تقليدية لم تعد مجدية في سوق تنافسي بهذا الحجم.

واذا كان التسويق اليوم يشكل تحدياً حقيقياً للقطاع ، تبرز معضلات اخرى لها اكبر الأثر ، فحتى عندما ينجذب السائح إلى الأردن، يواجه عقبات قد تجعل زيارته الأولى والأخيرة ومنها البنية التحتية التي تحتاج إلى تطوير جذري، بدءًا من وسائل النقل ووصولًا إلى جودة الخدمات الفندقية والمطاعم.

ان من الخطأ بمكان ان تبقى السياحة في الأردن رهينة الوضع السياسي في الإقليم، والحقيقة أن الدول الناجحة في المجال السياحي لم تنتظر الأوضاع المثالية، بل عملت على بناء قطاعات قوية قادرة على التكيف مع الأزمات.

الأردن بحاجة إلى استراتيجية تفصله عن تقلبات السياسة، إلى رؤية تجعله وجهة جاذبة في كل الأوقات، وليس فقط عندما تكون الظروف مواتية.

ان الواقع السياحي والاقتصادي لم يعد أمامه ترف الانتظار والتجريب فلا بد من احداث تغيير جذري في أسلوب التعامل مع هذا القطاع، لا بد من قرارات جريئة تُترجم إلى خطط عمل حقيقية فالاستثمار في السياحة لم يعد خيارًا، بل ضرورة اقتصادية ملحة لاننا نمتلك كل المقومات ليكون الأردن لاعبًا رئيسيًا في هذا المجال لكن يبقى السؤال هل يمتلك أصحاب القرار الشجاعة لوضع بصمتهم؟..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى