اللوزي تكتب: من الحوار إلى التمكين: كيف يمكن لمشاركة الأردنيين أن تعيد تشكيل الإدارة المحلية وتقود إلى تنمية أكثر استدامة؟

التاج الاخباري- بقلم المهندسة نور أحمد اللوزي
نائب الأمين العام لحزب إرادة لشؤون الإدارة المحلية
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجهها المملكة الأردنية الهاشمية، تبرز الحاجة إلى تحول جذري في كيفية إدارة الشؤون المحلية، فالحوار الحكومي حول الإدارة المحلية ليس مجرد نقاش سياسي، بل هو فرصة لتمكين المواطنين وإشراكهم في صنع القرارات التي تؤثر مباشرة على حياتهم اليومية من خلال مشاركة فعالة من قبل الأفراد والمجتمعات المحلية، ويمكن أيضاً للأردن أن تعيد تشكيل إدارتها المحلية لتكون أكثر شمولية وشفافية، مما يقود إلى تنمية مستدامة تعود بالفائدة على الجميع حيث أن أساس التشاور في هذه التعديلات لقانون الإدارة المحلية الجديد هي مُخرجات لجنة الإدارة المحلية في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي قدمت نموذجاً متطوراً من التشريعات المقترحة نحو إدارة محلية أكثر شمولية.
إن مشاركة المواطنين حتماً في الحوار الحكومي المُنتظر حول الإدارة المحلية تعني زيادة الشفافية في عملية صنع القرار، الأمر الذي سيعزز الثقة بين الحكومة والمجتمع فعندما يشعر الناس أن أصواتهم مسموعة، تزداد مساءلة المسؤولين وتصبح القرارات أكثر انسجاماً مع احتياجات المجتمع والمواطنون أيضاً هم الأكثر دراية باحتياجات مجتمعاتهم المحلية، ومشاركتهم هنا تضمن أن تكون القرارات المتعلقة بالإدارة المحلية واقعية وقابلة للتطبيق، وتلبي تطلعات الناس. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحوار المفتوح والمشاركة الفاعلة تعزز الثقة المتبادلة بين الحكومة والمواطنين، مما يسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي. المشاركة الشعبية في صنع القرار هي أحد أركان الحوكمة الرشيدة، وعندما يشارك المواطنون في تحديد أولويات التنمية المحلية، تصبح الإدارة أكثر فعالية واستجابة لاحتياجات المجتمع.
لا بد لنا أيضاً أن نقول بأن الأحزاب السياسية تلعب دوراً محورياً في تعزيز المشاركة السياسية وتمثيل مصالح شرائح مختلفة من المجتمع. لذلك، يجب أن تكون مشاركتها في الحوار الحكومي حول الإدارة المحلية فعالة وهادفة حيث أننا في حزب إرادة نمتلك كما هي باقي الأحزاب الوطنية خبرات سياسية وإدارية يمكن أن تسهم في صياغة سياسات محلية أكثر فاعلية، فالأحزاب اليوم حتماً باتت جسر هام بين الحكومة والمواطنين، من خلال تنظيم حملات توعية وجلسات حوارية لتشجيع المواطنين على المشاركة في صنع القرار. بالإضافة إلى ذلك، تضمن مشاركة الأحزاب أن تكون السياسات المحلية متوافقة مع الرؤى الوطنية، وأن يتم تنفيذها بغض النظر عن التغيرات في الحكومات.
أمّا لتعزيز الإدارة المحلية في الأردن، فيجب تفعيل صلاحيات المجالس المحلية والمجالس البلدية في صنع القرار وتنفيذ المشاريع ويمكن تحقيق ذلك من خلال منحها صلاحيات أوسع وموارد مالية أكبر، مع ضمان مشاركة ممثلين عن المجتمع المحلي في هذه المجالس. كما يجب نقل الصلاحيات وليس مجرد تفويضها من الحكومة المركزية إلى الإدارات المحلية، مع ضمان أن تكون هذه الإدارات قادرة على إدارة الموارد بكفاءة. فاللامركزية تعني تمكين الجهات المحلية من اتخاذ قرارات سريعة وفاعلة تلبي احتياجات المواطنين.
يمكن أيضاً استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لتعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار وعلى سبيل المثال، يمكن إنشاء منصات إلكترونية تتيح للمواطنين تقديم اقتراحاتهم ومتابعة تنفيذ المشاريع المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تنظيم حملات توعية لتعريف المواطنين بأهمية المشاركة في الإدارة المحلية، وتدريب المسؤولين المحليين على آليات الحوكمة الرشيدة وإدارة الموارد بشكل فعال.
أمّا الشباب فهم عماد المستقبل، ويجب أن يكون لهم دور فاعل في الحوار حول الإدارة المحلية ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء منصات خاصة للشباب لتقديم أفكارهم ومبادراتهم. كما يجب أن تكون الموارد المالية المخصصة للمشاريع المحلية واضحة ومتاحة للجميع، من خلال نشر تقارير دورية توضح كيفية إنفاق الأموال والنتائج المحققة وأخيرًا، يمكن للشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تسهم في تحقيق تنمية محلية مستدامة، من خلال تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المشاريع المحلية.
ختاماً، إن مشاركة الجميع في الحوار الحكومي حول الإدارة المحلية ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة وبناء مجتمع أكثر استقراراً وازدهاراً من خلال تعزيز الحوكمة المحلية وتمكين المواطنين والأحزاب من المشاركة الفاعلة، ويمكن للأردن أن يحقق نقلة نوعية في إدارة شؤونها المحلية، وتصبح نموذجاً يُحتذى به في المنطقة.