مقالات

الرواشدة يكتب: ‏هل لدينا إجابات عن هذه الأسئلة الصعبة؟

‏التاج الاخباري – بقلم: حسين الرواشدة

‏قائمة العروض، (التهديدات أحياناً)، التي ستطرحها واشنطن وتل أبيب ،خلال المرحلة القادمة، لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية ، وأعاده ترتيب خرائط النفوذ وتوزيع الأدوار ، على إيقاع ما حدث بعد 7 أكتوبر ، ستكون مزدحمة بالسيناريوهات، ومفخخة بالألغام ، نحن -أقصد العرب – أمام “وعد ترامب “جديد ، وهو اشبه ما يكون بوعد بلفور.

‏وعليه ، معظم التطمينات والوعود التي تصلنا يجب ان ندرجها كافتراضات واحتمالات ، تخضع للخطأ والصواب، لا مجال للثقة وتقدير “حسن النوايا” ، أو انتظار “مساعدة صديق ” بالمجان ، يجب أن نعتمد على انفسنا ، ونضبط ساعتنا الوطنية على تواقيت سياسية مدروسة، ونضع خياراتنا واضطراراتنا على ميزان دقيق ، حيث العنوان مصالح الأردن العليا فقط.

‏لا يتسع المجال للتفاصيل ، خذ مثلا العرض الذي قدمه زعيم المعارضة في إسرائيل (يائير لبيد ) حول تولي مصر إدارة قطاع غزة لمدة ثمان سنوات (أو 15 عاما )، مقابل سداد ديون مصر الخارجية ، خذ ، أيضا ، عروض التهجير ونقل السكان التي تتوارد تباعا، ثم حركة الأموال التي تتدفق، ونزوح السكان من مخيمات الضفة ، ستكتشف أن “بروفة ” غزة انتقلت فعلا إلى الضفة الفلسطينية ، وأن العرض الذي قدم لمصر يمكن ،لاحقا ،أن يقدم للأردن.

‏خلال نحو عام ونصف استخدم الأردن ما لديه من أوراق سياسية لوقف الحرب على غزة ، ربما استباقا لما سيحدث في الضفة ، الآن أصبحت الضفة هي الهدف الأساس بالنسبة لإسرائيل ، تصريف أزمة السكان والجغرافيا الإسرائيلية سيصطدم ، على الأرجح ، بمصالح الدولة الأردنية ، أمامنا ثلاث سيناريوهات متوقعة: التهجير ، سواء أكان قسرياً أو طوعياً، إدارة ما تبقى من اراضي الفلسطينيين بالضفة ،وفق وصفة الكونفدرالية أو غيرها، النقاش على وضع القدس والمقدسات ، كل هذه السيناريوهات تم رفضها، من قبل الملك ، بلاءات اردنية حازمة، ولم تعد مطروحة للنقاش.

‏صحيح ، ما زال الأردن يتمسك بحل الدولتين، ويعتبر السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين ، ما زال ، أيضا ، يربط أي حل للقضية الفلسطينية بالتوافق العربي الذي يرتكز على القرار الفلسطيني ، لكن ما جرى من تحولات ، خاصة مع إدارة ترامب ، وضع الجميع أمام مستجدات واستحقاقات جديدة وغير مسبوقة، لا يستطيع الأردن أن يقدم بدائل بمعزل عن محيطه العربي ، ولا يستطيع أن يتحمل كلفة أي بديل يتعارض مع الحفاظ على مصالحه وهويته واستقراره.

‏المعادلات ،هنا ، قد تبدو صعبة ومعقدة ، لكن التعامل معها بمنطق الحزم ، أحيانا ، والاستثمار بالوقت ، وربما ما يلزم من تنازلات محسوبة أحيانا أخرى ، يحتاج إلى إدارة سياسية شجاعة وحكيمة ، وهذا ما أتوقعه ، الأردن لن يقبل الإملاءات ، كما أنه لن يغامر بمصالحه، وبالتالي الدبلوماسية الأردنية ستسير بين هذين الحدين (الشعرتين :أدق )خلال المرحلة القادمة .

‏هل لدينا تصورات محددة حول العروض المطروحة والاستحقاقات القادمة وما يلزمها من أثمان سياسية ؟ وفق تقديري، نعم . هل تلقينا ضمانات من أطراف مهمة ،دولية وإقليمية، لتبني ما نطرحه من حلول ومبادرات تساعد بإعادة المنطقة لما قبل 7 أكتوبر، ثم الاستدارة لتسويات شاملة في المنطقة تصب في مصلحة الجميع ؟ ربما .

هل نحن مطمئنون إلى هذه الضمانات والوعود ؟ لا أدري . هل لدينا اطلاع على صفقات تجري من تحت الطاولة حول “ما بعد غزة “، وما بعد تمرير “يهودا والسامرة” ووضع اليد على جنوب لبنان ،وأجزاء من جنوب سوريا ، وتكريس احتلال الجولان .. الخ ؟ أعتقد ذلك . ما اعرفه تماما أن الدولة الأردنية تملك ما يلزم من أوراق قوة ، وقد أصبحت بكامل جهوزيتها لمواجهة المرحلة القادمة ، وستخرج منها بأقل ما يمكن من خسائر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى