الدباس يكتب.. رؤية ملكية تستشرف الغد.. مجلس وطني للمستقبل

التاج الإخباري – بقلم هاني الدباس
في ظل تسارع التطورات التكنولوجية على الصعيد العالمي، يتجه الأردن نحو تعزيز الابتكار الرقمي من خلال تشكيل مجلس تكنولوجيا المستقبل. المجلس الذي يضم أربعة وزراء وأربعة من المختصين في القطاع الخاص، يهدف إلى تسريع التحول الرقمي، وتوطيد التعاون بين القطاعين العام والخاص، ضمن رؤية استراتيجية ترتكز على خطط شاملة لمواكبة المتغيرات وتحقيق تقدم ملموس في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
ان التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص ليس مجرد مبادرة، بل هو نموذج عمل يعتمد على توزيع واضح للأدوار لتحقيق التكامل. يتمثل دور القطاع العام في وضع الأطر التشريعية والتنظيمية التي تسهم في خلق بيئة ملائمة للاستثمار الرقمي، إلى جانب دعم البحث العلمي، وتطوير البُنى التحتية الرقمية التي تُشكل العمود الفقري لأي تحول رقمي ناجح.
أما القطاع الخاص فيُعد القوة المحركة للابتكار، إذ يسهم في تطوير الحلول التقنية المبتكرة، وتقديم الموارد والخبرات اللازمة لتنفيذ المشاريع. كما يلعب دورًا محوريًا في بناء شراكات مع الجامعات لإدخال تخصصات حديثة تتسق ومتطلبات السوق وتحاكي ما يسعده العالم من تطور مضطرد في مختلف قطاعات التكنولوجيا ، ولضمان نجاح هذه الشراكة وتحقيق الأهداف المرجوة، فالمطلوب الان وضع استراتيجية وطنية للمستقبل وقد استشرف جلالة الملك عبد الله الثاني هذه الحاجة المُلحة فأطلق العنان لهذا التوجه .. تقوم هذه الاستراتيجية على :
. تطوير البنية التحتية الرقمية:
تحسين شبكات الاتصال، وتعزيز انتشار الإنترنت عالي السرعة في مختلف المناطق، مما يتيح الوصول إلى الخدمات الرقمية للجميع.
. تحديث التشريعات:
مراجعة وتطوير القوانين المرتبطة بالتكنولوجيا لضمان مرونتها وتشجيع الابتكار، بما يواكب التغيرات السريعة في هذا المجال.
. تأهيل الكفاءات البشرية:
إدخال تخصصات جامعية حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وتحليل البيانات. هذه التخصصات ليست فقط أكاديمية، بل تركز على الجوانب التطبيقية لتلبية احتياجات السوق.
. متابعة وتقييم الأداء:
إنشاء نظام شامل لمتابعة تنفيذ المشاريع، مع وضع مؤشرات أداء واضحة لتقييم مدى نجاح المبادرات.
ووفقًا لتقارير دولية، أظهر الأردن تقدمًا ملحوظًا في عدة مؤشرات رقمية:
• في مؤشر الأمم المتحدة للخدمات الإلكترونية، تقدم الأردن 17 مرتبة عالميًا.
• في مؤشر المشاركة الإلكترونية، ارتقى 81 مرتبة، ليحتل المركز 67 عالميًا والسادس عربيًا.
رغم هذه الإنجازات، تبقى الحاجة مُلحة اليوم لتعزيز الاستثمار في التعليم التقني والبنية التحتية، لضمان استدامة هذا التقدم.
كما ان ربط مخرجات التعليم بسوق العمل الذي ضل شعاراً دون تنفيذ لسنوات يُترجم ب حقيقة ربط الكفاءات بالفرص.
فإدراكًا لأهمية التعليم في تطوير قطاع التكنولوجيا، قامت الجامعات الأردنية بإدخال تخصصات مبتكرة تهدف إلى تعزيز جاهزية الخريجين لسوق العمل مثل الذكاء الاصطناعي في المحاسبة والأمن السيبراني والتكنولوجيا المالية.
ان من اهم صور الشراكات التي يمكن ان تحقق هذه الرؤية ، تعاون الجامعات مع شركات مثل (مايكروسوفت وسيسكو) لتقديم برامج تدريبية مكثفة. هذا الربط بين التعليم وسوق العمل يضمن تزويد الخريجين بالمهارات العملية المطلوبة.
ولعلنا اليوم بأمس الحاجة للاستفادة من دروس الآخرين وتجاربهم
مثل سنغافورة التي تعتبر من النماذج العالمية الرائدة، حيث ارتكزت استراتيجياتها على تطوير التعليم التقني، وتحفيز التعاون بين الجامعات والشركات التقنية الكبرى. والإمارات العربية المتحدة: التي أطلقت مشاريع ضخمة مثل “مدينة دبي للإنترنت”، لتعزيز الابتكار الرقمي، مع توفير بيئة متكاملة للشركات الناشئة.
مقارنةً بهذه الدول، يتمتع الأردن بإمكانات كبيرة يمكن تطويرها من خلال تعزيز الشراكات المحلية والدولية.
يمثل تشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد رقمي قوي، قائم على الابتكار والتعاون بين القطاعين العام والخاص. مع وجود استراتيجيات واضحة، وخطط عمل متكاملة، ما يؤكد بأن الأردن يخطو بثبات نحو مستقبل رقمي واعد، يعزز مكانته عربيًا ودوليًا، ويفتح آفاقًا جديدة أمام الأجيال القادمة.