مقالات

ثورة إدارية منتظرة في الشركات الحكومية.. بين رؤية الملك.. وإرادة الحكومة

التاج الإخباري – بقلم محمود الدباس – أبو الليث

في ظل التحديات الاقتصادية.. التي يعاني منها الأردن.. ومع تعاظم دور الشركات الحكومية.. في إدارة جزء كبير من مقدرات الوطن.. يبرز تساؤل جوهري.. لا يقتصر على همسات المواطن.. بل يتغلغل في أروقة السياسة والاقتصاد.. هل سيقوم رئيس الوزراء.. بإحداث ثورة إدارية حقيقية.. في مجالس إدارات الشركات الحكومية؟!..

إن مجالس الإدارات.. ليست مجرد واجهة للشركات.. بل هي نبضها.. ومحركها الأساسي.. ومن المؤسف.. أن العديد من هذه المجالس.. أصبحت محط تساؤلات وانتقادات.. وأثارت لغطاً كبيراً بين المواطنين.. خصوصاً فيما يتعلق بالشفافية.. والإدارة المالية.. وتلك الممارسات التي خلقت فجوة ثقة.. بين شرائح المواطنين كافة.. ومؤسسات الدولة.. هذه الفجوة التي اصبحت تتسع مع كل قرار.. لا يصب في المصلحة العامة.. ومع كل تعيين.. لا يستند إلى الكفاءة والجدارة والعدالة والشفافية..

لقد أُرهِق المواطن.. وهو يشاهد هذه الشركات.. تُدار بنفس النهج القديم.. حيث تُقدم المصالح الضيقة.. على الكفاءة الوطنية.. ويرى أمواله تذهب دون مردود واضح على الاقتصاد بشكل عام.. ولا على جيبه الذي صار مرهوناً بشكل لا يستطيع الإفاء بالتزاماته.. فأصبح يتساءل.. إلى متى تبقى هذه المجالس.. خارج إطار المحاسبة والشفافية؟!..

وهنا يأتي دور دولة رئيس الوزراء.. الرجل الذي خبر مُعترك الاقتصاد الأردني على مدار سنوات طويلة.. والذي يعرف جيداً مضامين ورؤية جلالة الملك.. رؤية ترتكز على تحقيق التنمية المستدامة.. والإصلاح المؤسسي.. فهل ستكون هناك إرادة جادة.. لإعادة تشكيل هذه المجالس.. وفق معايير الكفاءة المهنية والمصلحة الوطنية؟!.. وهل سيضع الرئيس نصب عينيه.. ضرورة انتشال هذه الشركات.. من أي ممارسات تُعيقها عن تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية؟!..

الثورة الإدارية المنشودة.. لا يمكن أن تكون مجرد تغيير أسماء.. وتغيير الطواقي على رؤوس أصبحت معروفة.. ومستنزفة.. بل تحتاج إلى منهجية عميقة.. تنطلق من اختيار أعضاء مجالس إدارات.. يتمتعون بالكفاءة العالية.. والخبرة المتخصصة.. والسجل الناصع.. وأن تُبنى سياسات هذه المجالس.. على الشفافية.. والرقابة.. والمساءلة.. وأن تتسم بالتخطيط بعيد المدى.. بدلاً من الارتجال في القرارات..

وللوصول إلى هذا.. لا بد من وضع أسسٍ ومعايير لاختيار أعضاء مجالس الإدارات.. منها..

. اختيار الخبراء المتخصصين في المجالات ذات الصلة بالشركة.. لضمان قرارات مستنيرة.. ومبنية على المعرفة..

. تطبيق معايير الشفافية في التعيينات.. من خلال نشر السيِّر الذاتية للمرشحين.. وإتاحة الفرصة للمتابعة الشعبية والمؤسسية..

. تحديد معايير قياس الأداء لكل مجلس إدارة.. ومحاسبة أعضائه بناءاً على نتائج ملموسة.. وليست حبر على ورق..

. تعزيز الرقابة المستقلة على قرارات هذه الشركات.. لضمان عدم استغلال الموارد.. أو إساءة إدارتها..

. إشراك القطاع الخاص.. والجامعات.. والنقابات المهنية.. في اختيار الأعضاء.. وتقديم توصيات.. مبنية على احتياجات السوق.. والمجتمع..

. ان لا يكون الأخ والابن والقريب والصديق.. هو المعيار.. إلا إذا كانت قدراته.. وخبراته.. واضحةً وضوح الشمس.. ولا بديل أفضل منه.. أو من باب الشفافية.. مضاهياً له.. “رحم الله إمرئاً.. جب الغيبة عن نفسه”..

إن المواطن الأردني.. يتطلع إلى خطوات جريئة.. تُعيد الهيبة لهذه الشركات.. وتجعل منها نموذجاً للنجاح.. بدلاً من أن تكون عبئاً على الاقتصاد.. فهذا الشعب.. الذي عانى طويلاً من قراراتٍ غير مدروسة.. يستحق تغييراً ملموساً.. يعيد الثقة بينه وبين مؤسساته.. ويُشعره بأن صوته مسموع.. وحقوقه محفوظة..

الأردن لا يحتاج شعارات جديدة.. براقةٍ ومنمقةٍ تدغدغ المشاعر.. بل إلى قراراتٍ شجاعةٍ.. تعيد الحياة لاقتصاده.. وتزرع الأمل في نفوس أبنائه.. فهل يكون لدولة الرئيس الكلمة الفصل؟!..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى