مقالات

الرياحنة يكتب.. التجربة الحزبية الأردنية: من الفكرة إلى المحاصصة

التاج الإخباري – بقلم موفق الرياحنة

تُعد التجربة الحزبية في الأردن انعكاسًا لتطور الحياة السياسية في البلاد حيث بدأت كفكرة تسعى إلى تحقيق الإصلاح وتقديم بدائل سياسية تعبّر عن تطلعات الشعب لكنها بمرور الوقت واجهت تحديات أفرغتها من مضمونها الأساسي ليغلب عليها طابع المحاصصة.

فمع بدايات العمل الحزبي في منتصف القرن الماضي كانت الأحزاب الأردنية تُبنى على أسس فكرية وعقائدية مستلهمة من القضايا القومية والاشتراكية. فآنذاك شكّلت الأحزاب قوة فاعلة تسعى إلى تحقيق التغيير عبر رؤى إصلاحية واضحة وتمكنت من جذب شرائح واسعة من المجتمع.

لكن هذه المرحلة لم تستمر طويلًا فمع تقييد العمل الحزبي لفترات طويلة وتأثير الأحداث الإقليمية بدأت الأحزاب تتراجع عن دورها الفكري والسياسي ما أدى إلى ضعف جذري في بنيتها التنظيمية.

وخلال الثلاث سنوات الأخيرة شهدت الحياة الحزبية في الأردن تحولًا جوهريًا وجاء ذلك بتوجيه ملكي من خلال منظومة تحديث العمل السياسي في المملكة إلا أن بعض القائمين على الأحزاب لم يلتقطوا الرسائل الملكية بالشكل الصحيح وكان هدفهم الأسمى هو المقاعد العليا في الحزب ما نتج عنه ضعف للبرامج التي يأتي معظمهم بنظام الـ copy paste حتى أصبحت الأحزاب تعتمد بشكل متزايد على الهويات الفرعية مثل العشائرية أو المناطقية كأساس لتكوينها. ومع تراجع القضايا الفكرية والبرامجية برزت المحاصصة كأداة رئيسية لتوزيع النفوذ داخل الأحزاب سواء كان ذلك على مستوى القيادات أو الترشح للانتخابات.

هذا التحوّل لم يُضعف فقط دور الأحزاب في المشهد السياسي بل جعلها أقرب إلى أدوات تعزز الانقسام المجتمعي بدلًا من توحيده تحت رؤى وطنية مشتركة وهذا ما ظهر مؤخرا بشكل واضح وجلي بتعثر بعض الأحزاب وانفراط عقد البعض من خلال الانسحابات الجماعية في أحزاب كانت تعد من أحزاب الصف الأول ويبقى السؤال المطروح هو متى سنشهد تجرجة حزبية سياسية واجتماعية وثقافية يقودها الشباب وليس أصحاب الصالونات السياسية التي ينشئؤنها عندما يحالون على التقاعد من الوزارة الفلانية والوزارة العلانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى