مقالات

الشريف يكتب.. ولادة حزبية عسرة في الأردن: استعراض تاريخي وآفاق المستقبل

التاج الإخباري – بقلم رئيس تجمع مزارعي الأردن المهندس إبراهيم الشريف

يعد وجود الأحزاب السياسية المحلية حقاً مشروعاً لأي بلد في العالم، حيث تُمثل هذه الأحزاب إحدى أدوات التعبير عن الرأي وتوجيه السياسات العامة. ومن هذا المنطلق، عاشت الأردن فترة زمنية طويلة تفاعل فيها المجتمع مع الأحزاب السياسية، ورغم أن هذه الأحزاب ضمت شخصيات قومية ووطنية وأنتجت وزراء ومسؤولين ذوي قرار، إلا أن الكثير منها كانت ذات نشأة غير أردنية.

هذه الأحزاب، رغم مساهمتها في تشكيل الحياة السياسية في الأردن، كانت في معظمها تابعة لأفكار وحركات نشأت في بلدان أخرى، مما أثر بشكل مباشر على ولاء بعض منتسبيها. كان انتماءهم وحبهم للبلدان التي نشأت فيها تلك الأحزاب غالبًا أقوى من انتمائهم للأردن، مما أضعف دور الأحزاب في تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم المواطنة.

اليوم، يشهد الأردن حالة حزبية جديدة تأتي بتوجيهات ملكية هدفها إصلاح المسار السياسي وتحديثه. هذه الخطوة تمثل فرصة هامة لتصحيح المسار السياسي وتقديم نموذج حزبي وطني قوي، يعكس تطلعات الشعب الأردني ويحترم تاريخه وثقافته.

ولكن، تبقى هناك تحديات حقيقية تواجه هذه الولادة الحزبية الجديدة، أهمها الخوف من أن يكون هذا النشاط الحزبي محصورًا فقط في إطار الاستعداد للانتخابات، دون أن يكون له تأثير حقيقي على عملية الإصلاح السياسي. من الضروري أن تطرح الأحزاب برامج إصلاحية حقيقية ترتقي إلى مستوى الطموحات، وأن تساهم بشكل فعّال في معالجة القضايا الحيوية التي تواجه الأردن.

على سبيل المثال، يُعد القطاع الزراعي من أهم القطاعات التي تحتاج إلى اهتمام خاص نظرًا لدوره المحوري في تحقيق الأمن الغذائي وتشغيل الأيدي العاملة. إلا أن هذا القطاع يعاني من إهمال طويل الأمد، حيث بات الاعتماد على الجهود الفردية دون رعاية كافية.

هنا يأتي دور الأحزاب في تقديم خطط وحلول إصلاحية تشمل كافة القطاعات، بدءًا من الزراعة ووصولاً إلى التعليم والصحة والاقتصاد. إن النهوض بالقطاع الزراعي، على سبيل المثال، يجب أن يكون جزءاً من أجندة الأحزاب، حيث يمكنها من خلال برامجها السياسية تقديم استراتيجيات واضحة لدعم هذا القطاع الحيوي.

في الختام، تظل الآمال معقودة على أن تشكل هذه الولادة الحزبية العسرة في الأردن نقطة تحول حقيقية نحو مستقبل سياسي أفضل، يعزز من وحدة الوطن ويحقق تطلعات الشعب الأردني في الإصلاح والتقدم.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى