مقالات

ما هو شكل الجيل الجديد الذي ستنتجه الحرب؟

التاج الإخباري – بقلم د. أشرف الراعي

علينا أن نعترف بما لا يدع مجالاً للشك أن “غزة” ذات المساحة الجغرافية الصغيرة، أنتجت جيلاً جديداً مختلفاً بشكل جذري عن الأجيال السابقة. جيل خبر مفهوم المقاطعة، كما شاهد بأم عينه قتل المدنيين الفلسطينيين، والبطش بهم على مرأى ومسمع من العالم ومن كل دعاة الحرية والديموقراطية والتغني بالقانون الدولي.

لا بل عرف هذا الجيل كيف قام الاحتلال بجرائمه، واستحضرها واحدة تلو الأخرى منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم، مروراً بالنكسة في عام 1967 وعدداً من المجازر، كما وظف مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية وأنظمة الذكاء الاصطناعي “بذكاء” ليوصل رسائله إلى الغرب حول المجازر التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 76 عاماً.

هذه المجازر التي تمثل جزءاً مؤلماً من التاريخ الفلسطيني والعربي بشكل عام.. هذه المجازر التي تمثّل أفعال عنف جماعي، وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها القوات الإسرائيلية، بشكل يخالف القيم والمبادئ والقوانين والأعراف الدولية وقواعد القانون الدولي الإنساني.. القانون المنتهي الصلاحية.

أولاها مجزرة دير ياسين غرب القدس عام 1948 والتي نفذتها عصابات إرغون وشتيرن، وقُتل فيها ما بين 100 إلى 250 فلسطيني، إلى مجزرة قبية عام 1953 التي وقعت في قرية قبية في الضفة الغربية في 14-15 أكتوبر 1953 ونفذتها وحدة خاصة من الجيش الإسرائيلي بقيادة أرئيل شارون وقُتل فيها 69 فلسطينيًا، مع تدمير عشرات المنازل، ومن ثم مجزرة كفر قاسم عام 1956 التي نفذتها وحدة من حرس الحدود الإسرائيلي وقُتل فيها 49 فلسطينيًا كانوا عائدين من العمل ولم يعلموا بفرض حظر التجول.

عدا عن مجزرة صبرا وشاتيلا 1982 التي وقعت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين في بيروت، لبنان في 16-18 سبتمبر 1982 ونفذتها ميليشيات الكتائب اللبنانية بدعم وتواطؤ من الجيش الإسرائيلي وقُتل فيها ما بين 800 إلى 3500 فلسطيني ولبناني، معظمهم من النساء والأطفال، وليس انتهاء بمجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994 التي نفذها المستوطن باروخ غولدشتاين وقُتل فيها 29 فلسطينياً أثناء صلاة الفجر، وأصيب العشرات، وكذلك سلسلة المجازر التي وقعت في غزة، آخرها المجزرة الأخيرة التي راح ضحيتها أكثر من 35 ألف شخص أكثر من ثلثيهم من النساء والأطفال.

ما يجري اليوم سيغير الخارطة العالمية؛ حيث أنتجت هذه الحرب جيلاً جديداً في العالمين العربي والغربي يعرف تماماً حجم الإرهاب الذي يرتكب بحق الفلسطينيين، ويعرف حجم المآسي التي يعيشونها.. جيل سيكون مختلفاً عن كل ما سبق لما يعاينه من تشوهات نفسية وجسدية.. جيل يعرف كيف يعبر عن حقوقه التي ضاعت منذ أكثر من 76 عاماً؛ فاليوم انهارت كل مظاهر التطور والتقدم التي نشهدها في عالم الغرب، إزاء انعدام الإنسانية والقيم تجاه القضية العربية الأولى.. قضية فلسطين العربية.

هذا الجيل سيكون مختلفاً عن الأجيال التي غادرت البلاد تحت وطأة السلاح.. جيل يعرف كيف يستخدم سلاح الإعلام في مواجهة السلاح القاتل.. جيل يعرف كيف يفكر وينتج ويتقدم إلى الأمام.. جيل بالتأكيد سيكون أكثر قدرة على استشراف آفاق المستقبل وتطوراته التي ستحصل من أجيالنا الحاضرة أو من الأجيال السابقة… جيل أنتجته “الحرب في غزة وعليها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى