مقالات

الراعي يكتب .. القانون الدولي الإنساني ينزف في غزة


التاج الإخباري – بقلم د. أشرف الراعي – لم تكن تصريحات ما يسمى بـ “وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو” صادمة لعموم المجتمع الدولي؛ فالوزير القادم من اليمين المتطرف معروف بعنصريته ضد الفلسطينيين والعرب. وهي ليست المرة الأولى التي يطلب فيها بـ “إبادة الفلسطينيين”، لكن تصريحاته بالأمس كانت لافتة لأنه دعا إلى ذلك من خلال “إسقاط قنبلة نووية” على قطاع غزة المحاصر منذ 16 عاماً، فضلاً عن دعوته عدم تقديم أي مساعدات إنسانية إلى القطاع.
لكن اللافت ربما أكثر من هذه التصريحات، هو موقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التي قال فيها إن “إسرائيل تتعامل وفقاً للقانون الدولي وهذه التصريحات (تصريحات الوزير) منفصلة عن الواقع”.
وفي الواقع أن هذه التصريحات ليست منفصلة عن الواقع، في ظل وجود أكثر 10 آلاف شخص استشهدوا في هذه الحرب، نصفهم تقريباً من الأطفال، ولا يمكن لأي باحث في مجال القانون الدولي أن يعرف ما هي الأسس التي تقول إسرائيل إنها تستند إليها في القانون الدولي لتدمير شعب أعزل بهذه الوحشية.
وأعتقد، من وجهة نظر قانونية اليوم أن نتنياهو كان يريد من هذه التصريحات مع وزيره الذي ينتمي إلى محور المتطرف إيتمار بن غفير، إلى القول للمجتمع الدولي بأنه “يتصرف وفقاً للقانون الدولي وأن ما يجري في غزة هو حرب بين أطراف مسلحة ولا علاقة للمدنيين وأن هذه التصريحات والتوجهات غير مقبولة”، على الرغم من أن العالم كله يعرف أن هذا لا يمت للواقع بصلة، فما يجري في غزة هي حرب إبادة جماعية ومحرقة للأطفال والنساء الذين لم يكونوا يوماً طرفاً في أي صراع دائر.
إن أهداف إسرائيل تجاه الأطفال يجب أن تتوقف، وفي ظل عجز القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي عن القيام بأي خطوات عملية لإيقاف هذا الإجرام، لا بد من ضغوط دبلوماسية على إسرائيل، وبغير هذا لا يمكن أن تتوقف هذه الحرب الدائرة؛ فالمشاهد القادمة من غزة مرعبة والقادم لا يبشر بأي خير، وطبول الحرب تقرع في المنطقة كلها، والعديد من الحركات والفصائل المسلحة تقول إن “يدها على الزناد”، وهو ما قد يدخل المنطقة في دوامة عنف لا منتهية.
ليست هذه التصريحات المتطرفة، سوى استمراراً لسياسة التصعيد المستمر نحو الفلسطينيين في القطاع، المسجونين في الهواء الطلق منذ أكثر من 16 عاماً، وهو ما انتقدته أوساط معارضة في إسرائيل نفسها واعتبرته بمثابة “فشل جديد” لنتنياهو وسياسته المتطرفة ومحاولته إثبات نجاحه في الحرب واستعادة صورة جيشه، وتأجيل محاسبته عن فشله الأمني في المناطق التي تسمى بـ “غلاف غزة” لكنه حتى الآن غير قادر على تنفيذه في ظل الضغوطات التي يمارسها مجتمع الاحتلال الإسرائيلي والذي سيلقي به في النهاية في مواجهة مفتوحة مع مجتمعه ومع مسؤولين في الكابينت والشاباك الذين هم ليسوا على توافق مطلق معه.
التصريحات التي صدرت “كارثية” وهي تعبر عن عقلية الاحتلال في التعامل مع العرب ومع الفلسطينيين ولا بد من التعامل معها وأخذها على محمل الجد!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى