مقالات

كتب خليل النظامي .. سألني احدهم تارة،، من هو الصحفي؟

التاج الإخباري – كتب خليل النظامي

اراك يا صديقي مشغول بكل شيء، لدرجة انك نسيت ان لنفسك عليك حق، فلا تنام بشكل طبيعي، وتقرأ أكثر مما تتنفس، وتكتب اكثر مما تأكل، ولم تدع شيئا الا ودخلت فيه، فما انت فاعل بنفسك، وما انت سائر إليه، وما الهدف الذي تصر على تحقيقه، هل كل هذا بسبب الصحافة, ام ان هناك امر ما يسكن احشائك تحاول جاهدا ليل نهار نسيانه بهذه الافعال…؟

الصديق الذي سألني، رجل مسن في العمر، كنت مستأجر احد الاستوديوهات التي يملكها في شارع الجامعة، ونشأت علاقة بيني وبينه واصبحت اجالسه بشكل شبه يومي في المساء احتسي قهوتي برفقته، ولم يكن باستطاعتي ان اتهرب من اسئلته احتراما لمكانته العلمية وتاريخه الثقافي وعمره الذي يضاعف عمري مرتين حينها.

فقلت له، اتعرف يا صديقي ان كل صحفي في الدنيا لديه تعريف للصحفي مختلف عن باقي زملاءه، وتعريفي انا يدخل في دائرة الإلحاد وربما يزعجك هذا، ولكن خذه من زاوية ادبية كما الكتب التي تؤلفها،، فقال لي هات ما عندك…

فقلت له، انني ارى ان الصحفي “إله” كما الآلهه الاغريقية واليونانية، مسؤول عن كل شيء ثابت ومتحرك موجود على سطح وباطن هذا الكوكب شبه المستدير، ومعني بكل حركة تحدث فيه، معني بالحيوان والانسان والجماد، معني بالقمر والشمس، معني بالفضاء والكواكب، معني بالبحار والمحيطات، ومعني بالاشجار والغابات، والهضاب والجبال، والسهول والانهار، معني بالعلوم والفلسفة، معني بالسياسة والمال، معني بالإيمان والإلحاد، معني بالادارة والنظام، معني بكل شيء حتى معني بما يحدث بين الرجل وزوجته على سريرهما الخاص.

وضربت له مثال لتسهيل الوصف، وقلت له، تخيل معي ان لوح من الزجاج وضع في دماغك، ومن ثم قمنا بتحطيمه لفتات صغيرة جدا، واغلقنا عليه، فما تراك تشعر،،؟

فقال لي: سيحدث ألما في كل حركة اتحركها، حتى عندما ارمش ستؤلمني وخزة شظية من لوح الزجاج المكسور في دامغي. فقلت له : هذه الدنيا يا صديقي، عبارة عن لوح زجاج تفتت في عقل الصحفي، كل حركة تحدث فيها تأخذ تفكير الصحفي لها، ويشنغل بتعزيزها او نقدها او تفسيرها او حلها او تحليلها.

وعاد سألني، كيف ذلك الا يوجد اختصاصات في هذه الدنيا، كل مختص بما لديه من علم او حرفة او مهنة،،؟ فأجبته،،، المحزن في الصحافة، انها علم يتداخل بكل العلوم والمهن التي وجدت منذ نشأة هذه الدنيا يا صديقي، لهذا ترى الصحفي يقرأ هنا، ويتعلم من هنا، ويستمع من هنا، يجلس مع الفقير والغني، ويسمع من المظلوم والظالم بنفس الوقت، يعاشر الحيوانات، يغوص الى اعماق البحار والمحيطات، تراه فيلسوف يبتكر وعالم يخترع، تراه باحث واكاديمي بنفس الوقت، تراه صنايعي وحرفي في المقابل، وتراه وتراه وتراه الى ما لا نهاية.

وصدقني، هذا سبب حقد الجميع وكرههم له، لأنه لا يوجد شيء في هذه الدنيا لا يعرفه الصحفي، فترى كلامه وحديثه وتشخيصه وتحليله وتفسيره لكل ما هو موجود صائب دوما بعكس المتبجحين المتملقين المتسلقين الرويبضات الذين يدعون العلم والمعرفة وليس في جعبتهم اكثر من عناوين كتب ملقاة كمزهريتك هذه التي منذ رأيتك وهي على الطاولة ساكنه واشعر انها تراقبنا.

فرد علي متسائلا،، هل كل الصحفيين مثلك..؟ فقلت له : سبق وان قلت لك، كل صحفي في الدنيا له تعريف خاص للصحفي يختلف به عن تعاريف غيره من زملاءه. وانتهينا من احتساء قهوتنا،، وذهب للنوم، وعدت انا لبؤسي وشقائي مع موجودات هذا الكوكب العفن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى