مقالات

النظامي يكتب .. قاموسنا السياسي يحتاج إلى تطوير لـ نواكب المتغيرات

التاج الإخباري – خليل النظامي

يشكل الشباب الأردني كفئة اجتماعية ما نحوه 65% من جميع فئات المجتمع المحلي، وبمجرد معرفة هذه النسبة يتشكل لدينا صورة ذهنية تشير إلى أن هذه الفئة هي التي يجب أن تمنح الإضاءة والتركيز والتنمية للسيطرة عليها وتوجيهها بالشكل الصحيح لتنسجم مع استراتيجيات البناء والإصلاح والتنمية، نظرا لما تتمتع به من نسبة تشكيل عالية، وطاقات كبيرة مهدورة في شتى المجالات العلمية والمهنية والمعرفية والسياسية والفكرية والخدمية.

المشكلة التي لا تنتهي في قاموسنا السياسي المركون في زوايا مطابخ تنفيذ الأفكار والتوجيهات ، خلوه من وجود آلية متابعة واضحة وخطط ودراسات واستراتيجيات علمية وواقعية ترسم خارطة طريق لـ تطبيق فكرة سامية مثل فكرة إدماج الشباب في العمل السياسي، فهذه فكرة لم تكن مجرد فكرة ولدت على غفلة أو صحوة، وإنما كانت نتيجة لـ دراسات ومسوحات أجريت على التطور والتغير الذي حصل على النسيج الاجتماعي الأردني خلال العشر سنوات الأخيرة من قبل المطبخ السياسي الرئيسي في الأردن.

وبمجرد تصفح بسيط للقواميس السياسية الموجودة لدينا في مكتبة التنفيذ، نجد أنها حافلة بمفاهيم ومصطلحات وسياسات واستراتيجيات وخطط رسمت ووضعت في مراحل مختلفة تماما عن المرحلة التي نعيش فيها حاليا، من نواحي عدة أبرزها المناخ السياسي المحلي والإقليمي والدولي، والتغير الذي حصل في طبيعة وثقافة وهوية النسيج الاجتماعي المحلي، والتحول الذي حصل في العديد من التوجهات السياسية المختلف تماما عن المراحل السابقة، وأقولها آسفا، لم يحاول أحد من أعضاء غرفة التنفيذ تطوير وتغيير هذه الخطط والاستراتيجيات لـ تواكب وتنسجم مع المتغيرات التي شهدتها هذه المرحلة عن المراحل السابقة، الأمر الذي أفقد الحياة السياسية بريقها ولمعانها وتجددها.

وعدم التجديد والتطوير للإستراتيجيات والخطط السياسية، يقودنا إلى شبهات كثيرة حول من ركنوها وتركوها مهجورة، من أبرزها الاعتقادات والأوهام التي تعيش في عقول بعض أعضاء غرفة التنفيذ عن أن الحياة السياسية حكر عليهم فقط، أو أنها خلقت لهم لا لغيرهم من أبناء هذا الوطن، وأنهم خيرة الخيرة، ولا أحد يستطيع تنفيذ الرؤى والتوجيهات غيرهم، حيث مترسخ في عقول بعضهم أن نظريات الفكر والتطبيق السياسي وراثة لا علم وإبداع واتساع معرفة وخبرة واطلاع وثقافة.

وبالعودة إلى فئة الشباب وفكرة إدماجهم في العمل السياسي، نجد أن عنوان خارطة الطريق وممارسة هذه الفكرة على الواقع أخذ بالانحصار في المفهوم البسيط للفئة العمرية للشباب فقط بشكل عام، بعيدا عن مفهوم الشباب والمعنى الحقيقي من وجودهم في المجتمع، وما لديهم من المهارات والطاقات والأفكار والاستقلالية والنزاهة وشغف الفضول وثورة الحرية والتعددية الفكرية والسياسية والتطور والمواكبة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن قاموسنا السياسي ما زال يعمل بنفس الطريقة التي أوضحناها سابقا بدون تطوير أو تغيير وهنا الكارثة السياسية التي نخشى الوقوع فيها.

وكنت قد كتبت في مقال سابق، حول منهجية إنتاج رعيل سياسي جديد خلفا للرعيل السياسي الحالي الذي أوشك عمريا ونتاجي وفكريا على الانتهاء، الأمر الذي جعلني أخشى من نظرية الفراغ السياسي التي تكون نتيجة لمثل هذه الهفوات السياسية الضخمة، وهذا ما قصدته عندما وصفت عدم التطوير والمواكبة للاستراتيجات بـ الكارثة السياسية .

وما أود قوله،، أنه يتوجب على المطبخ السياسي إعادة النظر في عنوان خارطة تطبيق وممارسة فكرة إدماج الشباب في العمل السياسي ، بطريقة علمية ومنهجية معيارها الدراسات والخطط الواقعية، يستخلصون منها أساس لـ بناء استراتيجيات حديثة متطورة تواكب التغييرات التي حصلت على الصعيد المحلي في شتى مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والتعددية بشكل خاص من جهة، وتواكب التغيرات السياسية والجيوسياسية والثقافية والفكرية والتكنولوجية إقليميا وعالميا من جهة أخرى، واستقطاب ما تحتاج هذه الاستراتيجيات من كفاءات وقيادات شأنها بناء وتوجيه وتنمية فئة الشباب على العمل والمشاركة في الحياة السياسية المحلية والعالمية، وصولا إلى بناء وإنتاج رعيل سياسي جديد يتمتع بـكل الإمكانيات والطاقات والخبرات التي تمكنه من إصلاح ما يحتاج لإصلاح، وضمان استمرارية مسيرة البناء على ما تم أنجازه من الرعيل السياسي السابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى