مقالات

طق حنك

التاج الإخباري -موفق الرياحنة 

كان يمشي في ردهة المحكمة كمن فقد شيئاً يحدِّقُ بِنظرهِ الممتد إلى اقصى حذاءه لا يأبه بالمارين الذين ربتت اكتافهم على حافة كتفه وجبينه تتصبب عرقاً ويده تشد على عقب سيجارته التي لم يعرها انتابهه إلا حينما شعر بوخز حرارتها تنبهه لجيبة قميصه ليستلَّ سيجارةً أخرى ويدوس عقب الأولى بنعل كعبه
لم يكن يأبه بكل بالاصوات من حوله
سوى صوت طفلته التي لم يستطع ان يؤمِّن لها ثمن كيس الحليب الذي طلبته زوجته لصغيرتهم صوت صراخها المتلاحق كان كفيلا ان يجعله يلغي وجود كل من حوله.
ذهب في غيابة الجُب خجل أن يمد يده ليمسح دمعة سالت على خده كان يحاول أن يدفن رأسه بين كفيه خشية أن يراه أحدهم وما هي إلا لحظات حتى سمع احدهم ينادي بأسمه حتى يدخل على القاضي .
نهض وكأنه يحمل طناً من الهموم فوق عاتقيه ليقف أمام قاضي المحكمة الإنسان .
أأنت فلان ابن فلان 
نعم يا سيدي القاضي 
لماذا لم تدفع قيمة ما عليك لشركة الكهرباء ؟!
يا سيدي القاضي كل راتبي مئة دينار من صندوق المعونة وبيتي مستأجر ولدي أربعة أطفال أصغرهم طفلة رضيعة لم استطع أن اوفر لها ثمن علية حليب واحدة وبطون اطفالي خاوية 
بالكاد استطيع توفير الخبز لهم 
والكهرباء مقطوعة ونحن نعيش في منطقة درجة الحرارة فيها تجعل المصطافين يضعونها على آخر سلم اولوياتهم عدا عن القارص والباعوض 
وأشياء لا تخطر على بال بشر. 
القاضي لم يعلم ماذا يقول سوى أنه مد يده إلى جيبه وأخرج ما تيسر من النقود ونهض من على كرسي مكتبه واتجه إليه  ووضعها في جيبه .
لم يخرج بخفي حنين لكنه سيعود للمحكمة ليسأل مرة أخرى بعد طلب تأجيل النظر بالقضية من قبل القاضي !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى