مقالات

أين مؤهّلات الوظائف العليا في قانون الشركات الأردني لسنة 2022؟

التاج الإخباري – بقلم أ.د. عاطف البواب 

يناقش مجلس النوّاب الكريم هذه الأيام مشروع قانون معدل لقانون الشركات لسنة 2022، والذي وافقت عليه  لجنة الاقتصاد والاستثمار في المجلس مع إجراء بعض التعديلات، وعرضته على المجلس للمصادقة عليه وليصبح نافذًا للعام 2023. وعند الاطلاع على تفاصيل قانون الشركات لعام 1997 وتعديلاته والنقاط التي تم بحثها في مذكرة اللجنة والتعديلات المقترحة، نرى أنه من المفيد التذكير ببعض النقاط التي تصبّ في المصلحة العامة وخدمة الاقتصاد الوطني،  ولتحقيق الشراكة مع القطاع الخاص ومن هذه النقاط:.

1.    كما هو معروف في عالم الاقتصاد، تُدار الشركات من قبل مجالس الإدارة وهم المساهمون الذين يتم انتخابهم من قبل الهيئة العامة، وهذا جليٌ في كافة القوانين التي تنظّم الشركات، وهو حق من حقوقهم في الإشراف على استثماراتهم. وكم كنت أرغب في  أن يشير القانون بأن يتم تعيين مدير عام للشركة بمؤهل علمي متخصص لا يقل عن ماجستير في الشركات المساهمة المحدودة ودرجة دكتوراة في الشركات المساهمة العامة وبخبرة محددة تتناسب مع نشاط الشركة لا تقل عن خمس سنوات على الأقل، وخاصّة أن الشركات المساهمة العامة والمحدودة مملوكة من قبل شريحة واسعة من جمهور المستثمرين، ممّا يعطي جودة في العمل وانتاجية عالية تساعد في تقدّم الشركات وازدهارها ينعكس إيجابًا على الاستثمار وعلى الناتج المحلي على حدٍ سواء.
2.    أن توظيف مؤهلات معينة في الشركات المساهمة على اختلاف أنواعها في مناصب إدارية معينة  وبمواد صريحة في القانون وتعليماته وإلزامها بمؤهلات معينة تتناسب معها يعطي الفرصة لمن أكمل تعليمه في الدراسات العليا مثل الماجستير والدكتوراة  في تخصّصات الإدارة العامة وإدارة الأعمال وغيرها من التخصصات المشابهة بدلًا من تخرّج الآلاف وتعطلهم ودخولهم في صفوف البطالة. وأقصد بهذه المناصب منصب المدير العام ونائب المدير العام ومدير الموارد البشرية وإدارة المصانع وإدارات أخرى مثل دوائر التسويق والمبيعات وغيرها شريطة توفّر الخبرات التي تناسب هذه الوظائف. وفي هذا الشأن، يُصدر وزير الصناعة والتجارة والتموين تعليمات بموجب المادة القانونية تحدّد المؤهلات والتخصّصات والخبرات المطلوبة.
3.    الوظائف المالية العليا وهي وظائف تحتاج إلي مؤهلات عالية وخبرات قوية. وعليه، لم تشر التعديلات في القانون إلى ذلك وهو إدراج مادة صريحة في القانون لتولي منصب المدير المالي في الشركات المساهمة على اختلاف أنواعها،  فمن المناسب أن تكون مؤهّلات المدير المالي في الشركات المساهمة العامة من يحمل درجة الدكتوراة في المحاسبة والتمويل وفي الشركات المساهمة ذات المسؤولية المحدودة درجة الماجستير في المحاسبة والتمويل على الأقل، وبالطبع شريطة توفر الخبرة في الحدود المناسبة لكل نوع من أنواع الشركات المساهمة. وما يتعلق بشركات التوصية بالأسهم والتوصية البسيطة والمساهمة الخاصّة أن  يشترط القانون توظيف أشخاص بمنصب مدير مالي بدوام كامل وليس بدوام جزئي ممّا يساعد في استثمار خبرات المؤهلين لشغر تلك المواقع ويخفف من البطالة بين المؤهلين علميًا بدرجات عليا.
4.    وظائف التدقيق الداخلي والرقابة الداخلية وهي وظائف ضرورية في الشركات المساهمة على اختلاف أنواعها. وهنا من المناسب أن يشترط القانون تعيين مدقق داخلي يحمل شهادات مهنية في التدقيق أو درجة الماجستير في المحاسبة والتمويل على الأقل وتوفر الخبرة لعدد مناسب من السنوات. وفي حال تم تعيين من يحمل شهادة مهنية في هذه المناصب أن لا يمارس عملًا آخر من خلال مكتب تدقيق أو ما شابه ذلك.
5.    الوظائف الاستشارية على اختلاف أنواعها (مستشار قانوني، مستشار مالي، مستشار إداري،…) وهي وظائف عادة تكون على شكل تعاقد سنوي من الأشخاص المؤهلين، ولكن يمكن أن تكون وظيفة دائمة في الشركات المساهمة العامة. ومن الضروري أن يحمل المستشار  درجة الدكتوراة والخبرة التي لا تقل عن عشر سنوات .
6.    ولتحقيق أهداف الدولة في تخفيف البطالة بين صفوف خريجي الدراسات العليا، فإننا نورد عدد الشركات المساهمة التي أظهرتها دائرة مراقبة الشركات، والمسجّلة خلال العام 2022 ليصل عددها إلى 5869 شركة (لقد كانت أعلى أنواع الشركات تسجيلا خلال العام الماضي، الشركات ذات المسؤولية المحدودة " بعدد وصل  إلى 3822 شركة، وعدد الشركات المساهمة الخاصّة التي وصل عددها إلى 62 شركة جديدة) أي بنسبة زيادة مقدارها 16% مقارنة بالعام 2019. فإذا تم توظيف حملة الدكتوراة والماجستير في هذه الشركات فإني أجزم أنه لن يبقَ خريج دراسات عليا إلا وتمّ توظيفه. كذلك بينت الأرقام ارتفاع حجم رؤوس الأموال المسجلة للعام 2022، مقارنة بالعام 2019 بنسبة 67%، لتسجّل 332 مليون دينار ممّا يعني قدرة الشركات على التوظيف برواتب تتناسب مع المؤهلات العلمية .

إن أُدرج ما تقدّم في قانون الشركات كمواد قانونية وتعليمات ملزمة للشركات سيعمل على تخفيف بطالة خريجي الدراسات العليا في التخصصات ذات الصلة، والذين يستحقون أن يطبقوا ويمارسوا ما تعلموه في الجامعات في الواقع العملي.  وهذا ما نراه في الجامعات الأردنية حيث تلزم قوانين وتعليمات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي درجات عليا ورتبًا أكاديمية محدّدة عند ترخيص أقسام وبرامج أكاديمية في الكليات الجامعية. وعليه، أقترح أن يشرّع قانون الشركات الجديد عملية توظيف حملة الشهادات العليا في مناصب إدارية ومالية في الشركات المساهمة الأردنية والابتعاد عن التوظيفات التي تنطوي على المجاملات والعلاقات الشخصية، لما في ذلك من مصلحة وطنية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية.

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى