مقالات

الضوابط القانونية لمحتوى “الإعلام الجديد”

التاج الإخباري – بقلم: د. أشرف الراعي
المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام الجديد يرى انفلاتاً حقيقياً في المحتوى؛ فلا مضمون ولا احترام ولا أخلاق ولا أسلوب في العديد من المنشورات.. كل ما هناك غثاء كغثاء السيل لا يحقق أية نتائج مرجوة !
ومن هنا تأتي ضرورة القانون في المجتمع في ضبط المحتوى المسيء الذي يشكل جرائم تخالف القواعد القانونية الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية وقانون الاتصالات وقانون العقوبات وغيرها من المبادئ القانونية؛ فالقانون يستهدف ضبط أية ممارسات مجرمة من المجتمع بشكل محدد يحكم العلاقات بين أفراد المجتمع وينظمها بشكل لا يؤدي إلى تضارب المصالح.
إن هذه القواعد القانونية الناظمة للمجتمع تسهم في تكريس العديد من القواعد المهمة التي تحقق الحماية لكافة أفراد المجتمع خصوصاً في ظل انتشار وسائل الإعلام بشكلها الرقمي الذي أصبح الاعتداء من خلاله على مصالح المجتمع أمراً يتكرر؛  فالعديد من وسائل الإعلام الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم تقوم بالاعتداء على حقوق الأفراد العاديين والأشخاص المعنويين من أجل رفع نسب المشاهدات خصوصاً على المنصات الرقمية، وهو ما يؤدي بالتالي إلى تقويض أمن المجتمع.
ومن هنا يمكن القول إن القانون كمجموعة من القواعد والتعليمات التي تحكم تصرفات الأفراد والمؤسسات في المجتمع، تلعب دوراً حيوياً في المجتمع وتتلخص أهميته فيما يلي: 
1.    الحفاظ على النظام والاستقرار: حيث يساعد القانون في تحقيق النظام والاستقرار في المجتمع عبر تنظيم التصرفات الفردية والجماعية، ويمنع القانون السلوك الهمجي والعشوائي ويعمل على حماية المواطنين والممتلكات وضمان حياة آمنة للجميع.
2.    يكفل العدالة والمساواة: حيث يعمل القانون على ضمان المساواة والعدالة بين الأفراد في المجتمع، سواء كانوا أغنياء أم فقراء لديهم قوة أو سلطة أم لا وذلك عبر بيان الحدود والقواعد اللازمة لضمان تعامل عادل ومتساوٍ للجميع.
3.    الحماية والأمان: يقوم القانون بحماية المواطنين والمجتمع من الجريمة والعنف والتهديد عبر توفير إطار للأنظمة القانونية المسؤولة عن إنفاذ القانون، والتي تساعد في الحفاظ على النظام والأمن في المجتمع.
4.    توجيه السلوك: يساعد القانون في توجيه السلوك الفردي والجماعي، ويحدد السلوك الذي يعتبر مقبولاً والذي يعتبر غير مقبول، كما العقوبات المناسبة للسلوك الخاطئ ويشجع السلوك الصحيح.
5.    تنظيم العلاقات الاجتماعية: يساعد القانون في تنظيم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والمؤسسات. 
وهو أمر يلعب دوراً حيوياً في وسائل الإعلام الحديثة؛ حيث يشكل الإعلام في المجتمعات أحد المرتكزات المهمة في الدفاع عن هذه الحقوق والمطالبة بتكريس حكم القانون في شتى المجالات لكن الاستخدام الخاطئ أحياناً لوسائل الإعلام لا سيما مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية الأخرى أدى وظيفة مغايرة بالاعتداء على حقوق الأفراد في المجتمع، لذلك كان لا بد من حماية جزائية لحقون الإنسان لا سيما حقوقه في الخصوصية.
ويلاحظ أن العديد من المواقع الإلكترونية تطلب من الأفراد المستخدمين الموافقة على سياسة الخصوصية (Privacy Policy) التي "بمثابة وثيقة تتضمن التزامات المستخدم للموقع وتصلح مصدراً لالتزامات كل من الطرفين؛ بحيث يشكل الإخلال بهما تحريكاً ليس للمسؤولية الجزائية فحسب، بل المسؤولية العقدية والمطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم طبقاً للقواعد العامة الواردة في القانون المدني في حال الاعتداء على حقوق الغير"، لذلك لا بد اليوم من ثورة أخلاقية في حماية الناس من المحتويات المسيئة والتفاهة التي تجتاج عالمنا.
 
وبذلك تتحقق وظيفة القانون التي تتمثل في تنظيم حياة المجتمع وتحديد الحقوق والواجبات والمسؤوليات للأفراد والمؤسسات والحكومات؛ فلا يمكن للمؤسسات والأفراد في المجتمع معرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه مجتمعهم أو تجاه الغير من دون نصوص قانونية تضبط هذه الممارسات وتسهم في تحقيق العدالة والمساواة بين الناس، وحماية الحقوق الأساسية للأفراد، وضمان احترام القوانين واللوائح والأنظمة، وهو أمر إذا لم يكن قائماً في مجتمع ما فإن ذلك سيؤدي إلى خلق المزيد من الفوضى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى