مقالات

السعايدة يكتب.. سؤال للاردني هل انت محاسب ام محاسب قانوني؟ وما اهمية ذلك؟

التاج الإخباري – بقلم: د. منصور السعايدة

سؤال بسيط ووجيه لكن قد لا يدرك جدواه ودقة اجابته الكثيرون. فمن هو المحاسب ومن هو المحاسب القانوني وماذا يعمل كل من هما؟ وكم اعدادهم؟ وما هو التنظيم المهني الذي يرعى ويطور دور كل منهما في الاقتصاد الوطني ان وجد؟ وما اهمية الحديث عن هذا الامر الان والذي يدل ظاهره على البساطة الا انه من الاهمية بمكان؟ 
واجاباتي هنا كاستاذ جامعي متخصص لاكثر من 30 عاما، وبناءا على الوضع المهني القانوني القائم في بلدنا الحبيب، هي كالتالي: ان كنت تعمل في امساك حسابات المنشأة وادامة قيودها وارصدتها كل يوم في القطاع الخاص او العام فانت محاسب، وان كنت تستخرج نتائج الاعمال والميزانيات العمومية (او المراكز المالية) فانت محاسب، وان كنت تعمل في التدقيق الداخلي فانت محاسب، وان كنت تعمل في حسابات التكاليف او الرواتب او الضرائب فانت محاسب، وان كنت تعمل في وضع الميزانيات (او الموازنات) التقديرية والتدفقات النقدية ومسائل تمويل المنشأة واستثماراتها فانت محاسب، وان كنت مسؤول باي شكل من الاشكال عن الافصاح اوالخبرة المالية اوتقييم الاداء المالي اواعداد اية تقارير ومواقف مالية اخرى فانت محاسب. أما اذا كنت تقوم في اواخر العام بالتدقيق على خلو حسابات المنشأة ونتائج اعمالها وقوائمها المالية من الاخطاء الجوهرية فانت محاسب قانوني (بدلا من التسمية السابقة الاوضح والادق وهي "مدقق حسابات"). والاسئلة الملائمة هنا هي هل ادى قانون تنظيم مهنة المحاسبة القانونية 2003 الى خلط المفاهيم وايجاد ضبابية في فصل اعمال المدققين عن اعمال المحاسبين؟ وهل اضر  بالشفافية؟ وهل عتم على درجة الاستقلالية المطلوبة لعمل كل منهما؟ واين يبداء عمل كل منهما واين ينتهي؟ الجواب باختصار نعم وقد برهنت على ذلك في مقالاتي السابقه والتي يمكن توفيرها لمن يرغب مجددا، وهذا باختصار وضع غير صحي على الاطلاق. 
والان ناتي للاعداد حيث يقدر السيد رئيس جمعية المحاسبين القانونيين (لاحظ معي التسمية الجديدة بدل القديمة "جمعية مدققي الحسابات") في مقال بصحيفة اخبار البلد الالكترونية يوم 11/8/2022 ان اعداد المحاسبين يقدر ب  100,000 وانا اتفق معه ان هذا اقل تقدير اذا ما علمنا من احصاءات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المنشورة للعام الجامعي 21/22 ان هناك 12518 طالب محاسبة من الجنسية الاردنية على مقاعد الدراسة في الجامعات المحلية، ولكن لم يشير السيد رئيس الجمعية ذاته الى اعداد المحاسبين القانويين (مدققي الحسابات للتوضيح) الذين يصدرون تقارير تدقيق بعد نهاية كل عام مالي عن مدى خلو اعمال عشرات الاف من المحاسبين الذين يديرون حسابات الاف الشركات والمنشآت والمؤسسات الملتزمة بتدقيق حساباتها، الا انني وجدت على موقع الجمعية ذاتها ان عدد الاعضاء المزاولين لاعمال التدقيق هو فقط 460 كما هو بتاريخ 15/1/2023 ، واما مدى كفاية هذا العدد لخدمة الاقتصاد الوطني فهو امر يحتاج الى التقييم والمراجعة الجادة من الجهات المهنية والرقابية المختصة، وقد يكون احد اسبابها التدني الساحق لنسب النجاح في امتحانات المهنة الاردنية اكثربكثير مما هو عليه الحال في الدول الرائدة في هذا المجال (الولايات المتحدة) اذ بلغ متوسط نسبة النجاح في امتحان المحاسب القانوني الامريكي لاخر 8 اعوام (2015-2023) اكثر من ثلاث اضعاف وثلث نسبة النجاح في امتحان المحاسب القانوني الاردني (338.6%) . .
 والان نعود لموضوع التنظيم المهني فقد تم تنظيم جانب تدقيق الحسابات من المهنة 3 مرات حتى الان (1961 و1985 و 2003) ولم يتم تنظيم جانب المحاسبة على الاطلاق وبقي متاح للمتخصص وغير المتخصص المؤهل وغير المؤهل على الرغم من انه المهنة الام حتى للتدقيق نفسه، ويمكن له ان يكون خط الدفاع الاول ضد الفساد وسوء الادراة والتلاعب بالارقام اوتجميلها وما يصاحب ذلك من مخاطر فشل وانهيارللمنشآت، وحتى اكون اكثر دقة ورد في مقدمة قانون 2003 مادة رقم 2 تعريف لمصطلح "محاسبة" فقط وتوقف القانون بعد ذلك عن تنظيم شيء اسمه محاسبة وشرع بتنظيم كل شيء في المهنة باسم محاسبة قانونية اومحاسب قانوني،  وهذا خلل او عجز تشريعي لا يخفى على مختص او مهتم من اصحاب الاعمال ورجال الادارة اوالجهات التشريعية اوالرقابية وغيرهم من المتنبهين، ولن تجد له مثيل في العالم اواي دولة عربية، لا بل وفوق ذلك حرم قانون 2003على حملة اعلى المؤهلات في المحاسبة (الدكتوراه) من الترخيص المباشر لممارسة اعمال التدقيق كما كان معمول به في قانون 1985، وعندما اعترض البعض اعلاميا على ذلك تمادى البعض الاخر بالرد والقول ان في ذلك ضررعلى المهنة والاقتصاد الوطني.
اما اهمية طرق الموضوع الان فتاتي بمناسبة شروع اللجنة القانونية لمجلس النواب الموقر بمناقشة هذا القانون حيث تداعى عدد من اعضاء هيئة  التدريس/ تخصص محاسبة في مختلف الجامعات الاردنية وغيرهم من المهتمين في الامر لتوضيح الخلل في القانون خصوصا قصوره الفادح عن تغطية جانب المحاسبة (كمحاسبة) وما نتج عن ذلك من مشكلات ميدانية عانى منها الكثيرون ( وملخصها ان القانون في المادة " 30/أ وب" منه يجير كل وظائف المحاسبة اضافة الى وظيفة التدقيق الى فئة المحاسبين القانونيين لوحدهم)، ورفع توصيات، وجدت تفهما مبدئيا في اللجنة القانونية للمجلس الكريم، من شانها تصحيح المفاهيم الملتبسة في القانون وانصاف جانب المحاسبة والمحاسبين الذي ينتمي اليه اكثر من 100،000 شخص ولا يكاد يخلوا بيت اردني من محاسب او محاسبة متعطش لتقنين المهنة وتطويرها وحمايتها اسوة بغيرها من المهن، وهذا اقل ما يمكن ان يتنبه له ويدافع عنه اساتذة المحاسبة في الجامعات وياملون ان تلقى تعديلاتهم المقترحة على القانون الاذن الصاغية من السادة اعضاء اللجنة القانونية واعضاء مجلس الامة ككل، والجهات الحكومية المختصة خصوصا من الهيئة  العليا لتنظيم المهنة وديوان المحاسبة، وعلى المستوى الشعبي بعامة املين الوصول الى درجة معقولة من التوازن والاعتراف بجانبي المهنة من محاسبة  وتدقيق حسابات، والله الموفق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى