سيناريوهات العقوبات على موسكو وتأثيرها
التاج الإخباري – بقلم نادر القاسم
العقوبات الأمريكية الاوروبية التي فرضت على روسيا خطط لها بعناية ودقة فائقة وتأتي ضمن عدة سيناريوهات جرى إعدادها مسبقا في مطبخ صناعة القرار في واشنطن وحلفائها لتحقيق النتائج المطلوبة من التورط الروسي في أوكرانيا والتي من أبرزها سيناريو الضغط على القيصر بوتين لثنيه عن أحلامه واجباره على التراجع عن مواصلة الزحف باتجاه العاصمة كييف وعزل الرئيس زيلنسكي وتنصيب حكومة بديلة بالقوة العسكرية وتأتي العقوبات كخيار غربي في مقابل التفوق العسكري الروسي على الأرض في ساحة المعركة وهذا سيناريو اقتصادي بالغ القوة والتأثير على روسيا ويعمل على استنزاف الاحتياطات النقدية للبنك المركزي الروسي من العملات الصعبة مما سيؤدي إلى مفاقمة الوضع المعيشي للشعب الروسي وارتفاع حدة التضخم كما يهدف هذا السيناريو لأحداث تمرد داخل العصبة التي تتحكم في مقاليد الأمور داخل روسيا لاحداث تغيير في صناعة القرار داخل المطبخ الروسي المحيط بالرئيس فلاديمير بوتين
ثم تنتقل الاستراتيجية الامريكية الاوروبية لسيناريو الردع من خلال مضاعفة درجة وفعالية سلاح العقوبات لرفع الكلفة الاقتصادية لأية طموحات مستقبلية لموسكو كتلك التي تجري في أوكرانيا حاليا واعتبار العقوبات الاقتصادية السلاح الأبرز في رسم أي سياسات روسية في المستقبل القريب
بعد ذلك تسعى الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها إلى سيناريو تحجيم الطموح الروسي من خلال حرمان موسكو من التقنية التكنولوجية المتطورة في مجالات صناعات الغاز والبترول لحرمان روسيا القيصرية من تحديث كل البنى التحتية في هيكل الدولة الاقتصادي وتنويع مصادرها كما أن تجفيف منابع وموارد الاقتصاد الروسي يسهل أحكام القبضة الأمريكية الغربية عليه ولا يغيب عن أذهان المراقبين معارضة واشنطن الشديدة لمشروع خط الغاز
ستريم 2 الذي سينقل الغاز لاوروبا لأنه يخفف الكلفة على روسيا ويحررها من خط الغاز المار في أوكرانيا
يرجح الخبراء الاقتصاديين أن إطالة أمد العقوبات طبقا للسيناريوهات المعدة في الدهاليز والاقبية الاستراتيجية للعالم الغربي بقيادة واشنطن يهدف لاحداث تغييرات جوهرية في الداخل الاقتصادي الروسي الذي تقوده طبقة من مافيا رجال الأعمال والنخب التي تقف خلف طموحات الرئيس الروسي بالقيصرية من جديد.
بالمقابل تدرك موسكو بجلاء أن العقوبات والضغوط تهدف الى إضعاف موقف فلاديمير بوتين على طاولة المفاوضات لصالح الرئيس الاوكراني مما دعاه للتهديد بالسلاح النووي كقائد مصمم وحالم باستعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي
العقوبات المفروضة على روسيا ستكون فاعلة بشكل قاسي في ظل احجام الصين والهند على اتخاذ موقف حازم وواضح في مساعدة موسكو وآخرها عدم دعمهما لمشروع القرار الروسي في مجلس الأمن مما جعل روسيا تسحب المشروع.
وتجيد نيودلهي والصين قراءة مشهد مصالحهما الكبيرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ولا تريدان المغامرة ودفع ثمنا باهظا لدعم روسيا المنهكة اقتصاديا وطموحها بان تعود القطب الثاني في العالم وهو طموح تعتبره الهند وبكين أكبر من قدرة الاقتصاد الروسي على تحمله.