بِشر ووزرائه يعملون ولا أحدَ يَدري.. إذاً إلى ماذا تحتاجُ الحكومة؟
التاج الإخباري – كتبَ عدي صافي
بصفتي صحفي أعتقد أنني مطلعٌ بشكلٍ وافرٍ على أحوال الناس، وعملِ الوزارات، وتراكض الموظفين لحلِ المشاكل التي تَرِدنا يومياً، أؤكد أنَّ الشعبّ يعاني كما تتألم الدولة، وهنا لستُ سوداوياً أو ناشراً للقلق أكثر مما هو متفشيٍ بالأصلِ في أزقتنا وتحتَ سقوفِ منازلنا!
وايضاً بصفتي دارسٌ للعلاقاتِ العامة واظنّ أنني جيدٌ في فهمها، وكيفية إدارةِ حملاتها وازماتِها، إعلاميةٌ كانت أم دعائية أم غيرَ ذلك، أعتقد أنَّ حكومةَ بشر مع حفظ الألقاب، تحتاجُ لحملاتِ تحسين صورة بالدرجةِ الأولى.
لا أدافعُ عن حكومةٍ زائلة، أو رئيسٍ شئنا أم أبينا سيمنحُ مقعده لخليفةٍ في يومٍ ما، إنما أحاول أنّ أوضحَ الصورة لمن يَجهل، واوسعَ المداركَ لمن يغفل، وابسطَ الأمر لمن لا يعرف.
تحدث رئيس الوزراء بشر الخصاونة في مقابلته التي أجراها مساء أمس مع الزميل الدكتور هاني البدري عن إنجازاتِ حكومته، ملفُ أزمة كورونا وتداعياته الضخمة، من قطاعٍ صحي إلى قطاعاتٍ متضررة، وصولاً إلى شبحِ البطالة الذي يطاردنا منذُ عقود ويخطفُ أجسادَ الآلافِ من شبابنا عاماً تلوَ آخر.. جُلّ ما قالهُ بشر لن أقول أنه يدركه كل المواطنين، بل يعرفه الصحفيون المطلعون، القرّاءُ النهمين والمفكرين وحتى النُقاد الصادقين، وهو بلا مجاملةٍ أو تملق حقيقي، حقيقي لمن ينخرط في كل القطاعات ويقرأ كل المشاكل ويسعى بالتشاركية مع المعنيين لحلها، هي حقيقية للأشخاص الذين يبقون بعيداً أو غيرَ آبهين باجتزاءاتِ مواقع التواصل، وبعض المتهكمين الباحثين عن “الشو” عليها، مرتدين رداءً أكبر منهم، متصنعين انهم يمثلون الصحفيين أو مهنةَ المتاعب والبحث عن الحقيقة بوثيقة في ذات الوقت.
حكومة بشر تعمل وربما كانت الحكومات التي تسبقها تعمل، ولكنهم جميعاً وحتى هذه اللحظة يغفلون أمراً هاماً، جل الحكومات لم تنظر أو ربما فشلت بالنظر بشكلٍ صائب إلى أزمةٍ أخرى غير ازماتٍ معتادة كالبطالة والإقتصاد، الا وهي أزمة الثقة وجسورها المتآكلة الموشكة على السقوط والتي سقط بعضها ربما منذ فترة طويلة.
الحكومة تحتاجُ اليوم لجهازِ علاقاتٍ عامة ذو بأس، وعلم، ورؤية، ورغبة، واستمرارية، جهاز يقدم حملاتٍ حقيقية تعيدُ جزءاً من الثقةِ المسلوبة، رويداً رويدا.. قد يقول البعض ما فائدة الحملة وشبحٌ كالبطالة يقرع جرس الباب، وقد يقول أخر ما أهمية الحملة وانا لا أجدُ سريراً في مستشفىً حكوميّ، إلا إذا ملكتُ “واسطة”، وسيقول آخر ماذا سأجني من الحملة وانا أرى الآف المرضى ونصفُ طبيب وعشراتِ الموتى ولا ثلاجة!
ببساطة اجابة هذا السؤال هي ان حملاتِ تحسين الصورة، وتوضيح الحقيقة بشفافية، من شأنها أن تعيد ولو جزءاً من ثقةِ المواطن بحكومته التي جاءت بالأصلِ لخدمته وفقاً للدستور، هذه الثقة ستمدُّ الحكومة، أي كل وزرائها وحتى العاملين بوزاراتها بالقوة، الشغف والإيمان بأنهم قادرين على إجتياز الصعوبات ومواجهةِ التحديات وان كثُرت، وقطعِ الماء عن جذرِ الفساد وان استشرى بالأرضِ كثيراً!
لماذا أقول هذا الكلام؟ بعيداً عن عدم ايمان الناس بالحكومات كلها، وبعيدا عن الفشل في بعض الملفات، اقول ان قلّةَ الثقة وصلت إلى درجةٍ أصبحَ بها الصحفي او بعضهم، ينشرون بياناً حكومياً بلا قراءته أو حتى متابعته، ليسَ تشكيكاً ببشر أو وزرائه، بل هي قناعةٌ ترسخت بعقولِ الأردنيين، بعدَ سنواتٍ طويلة من سماعِ وعودٍ بلا تنفيذ، ومن فقرٍ يزيد، ومن خوفٍ يطغى ومن ليالٍ ظلماء لا تنتهي، ومن بِطالةٍ تأكلُ روح الشباب وتزرع بهم اليأس، ومن حُلمٍ بالهجرة يحلمه كل الناس!
وهي رسالةٌ ونصيحة لبشر ومن معه، رسالةٌ من محبٍ للأرضً والشعب والقيادة، إستمر بعملكَ الدؤوب من أجلِ وطنٍ سليمٍ معافى، ولكن إياكَ أن تنسى ملفَ الثقة؛ هو سلاحٌ يجعلكَ أكثر متانةً في وجهِ ريح التحديات، وبدونه فإنَّ غيابَ الإيمانِ عندَ الناس سيجبركَ على الفشل وسيجعلكَ تغادر الرابع خالياً الوفاض كما جئت وجاء وذهبَ من سبقوك، وهنا أقصدُ تغادر بفشلٍ في النجاح…
وفي ما يخص الإستثمار، إنني شخصيا املك بينَ يدي ملفَ استثمارٍ صخم، من شركاتٍ ضخمة، يؤمن الالاف من فرصِ العمل، ولكنه ما زال متعثراً بفعلِ قوى الشد العكسي، وسأعرضه على بشر خلال الأيام المقبلة، وان كانَ صادقاً كما أوحى لقاؤه فإنه سينجح ملفَ الإستثمارِ هذا… وهنا أكون قَد بَلّغت ونصحت من اجل وطني الأردن ووطنكم جميعاً.