معاهدة حظر الأسلحة النووية بين غموض الالتزام وفلسفة الحرب العالمية الرابعة

التاج الإخباري -
التاج الإخباري - خاص
أكد الخبير في الاستخدام المزدوج للأمن الحيوي والأسلحة البيولوجية حازم حداد أن معاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW)، التي فُتحت للتوقيع عام 2017 ودخلت حيز التنفيذ في يناير 2021، تُعد وثيقة محورية في النقاش العالمي حول نزع السلاح النووي، حيث تهدف إلى حظر شامل يشمل إنتاج الأسلحة النووية وتصنيعها وحيازتها وامتلاكها واختبارها وتخزينها.
وأشار الخبير في حديث لـ”التاج الإخباري” إلى أن القوى النووية الكبرى لم توقع أو تصدق على المعاهدة، ما يثير تساؤلات حول قدرتها الفعلية على تحقيق هدفها الأسمى: نزع السلاح النووي الشامل. وبيّن أن الدول الموقعة على المعاهدة حتى الآن لم تكن تمتلك أسلحة نووية أصلاً، ما يجعل المعاهدة أداة لمنع الانتشار المستقبلي دون معالجة الترسانات النووية القائمة.
ورأى أن حداثة المعاهدة، إلى جانب غياب توقيع القوى النووية، يجعل من الصعب قياس تأثيرها المباشر على خفض الترسانات النووية، لكنها في الوقت نفسه تفتح باباً للنقاش حول مدى التزام هذه القوى بنزع السلاح، خاصة وأن جميعها قاطعت مفاوضات المعاهدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف أن القوى النووية، رغم إعلانها الاستعداد للعمل بموجب معاهدة عدم الانتشار (NPT)، ترفض الانخراط في اتفاقيات ملزمة قانوناً لنزع السلاح الكامل، ما قد يعكس تناقضاً بين التصريحات العلنية والنوايا الفعلية. واستشهد بتصريح صيني يرفض فكرة الحظر القانوني، وبموقف المملكة المتحدة التي لم تتبنَّ المعاهدة رغم دعمها الإعلامي لها.
كما أشار خلال حديثه لـ"التاج"، إلى تضارب المصالح بوصفه عاملاً حاسماً في تقييم فعالية الأمم المتحدة كمؤسسة لتنظيم الأسلحة النووية، حيث تميل القوى النووية، خصوصاً الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن (P5)، إلى توظيف نفوذها لثني الدول الأخرى عن الانضمام إلى معاهدات تتعارض مع مصالحها. هذا الواقع، بحسب الخبير، يقوض الهدف الديمقراطي للمنظمة الدولية ويجعلها أداة بيد القوى الكبرى.
ونوّه إلى التباين في استجابة القوى النووية للمعاهدات المختلفة، كمعاهدة عدم الانتشار (NPT) ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT) ومعاهدة حظر الأسلحة النووية، مشيراً إلى أن المعاهدات التي تنشأ من داخل القوى النووية تكون أكثر قابلية للامتثال من تلك المقترحة من أطراف ثالثة.
واعتبر أن القوى النووية تسعى للبقاء في موقع القوة مع السعي في الوقت ذاته لنزع سلاح المنافسين المحتملين، ما يفسر امتناعها عن المصادقة على المعاهدات التي تُلزمها بتفكيك ترساناتها، بينما تُشجّع الدول الأخرى على الانضمام إلى تلك المعاهدات.
كما كشف حداد عن نقاشات داخل الأوساط المختصة في الحد من التسلح النووي والبيولوجي والكيميائي، تتعلق بمفهوم “الأمة الواحدة” (One Nation) كطرح نظري بديل لإدارة ملف السلاح النووي، في ظل الشكوك حول قدرة الأمم المتحدة على أداء هذا الدور بفعالية.
وخلص إلى أن التطورات المتعلقة بمعاهدة حظر الأسلحة النووية قد تحمل في طياتها إجابات حاسمة على أسئلة مستقبلية جوهرية. وحذر من أن تجاهل هذه المعطيات قد يُفضي إلى الدخول في ما أسماه “فلسفة الحرب العالمية الرابعة”، والتي لن تقتصر تداعياتها على الدول المتحاربة فحسب، بل ستمتد إلى شلل في الإنتاج العالمي، وتفكك سلاسل التوريد، وارتفاع حاد في أسعار السلع، واندلاع فوضى سياسية واقتصادية وحتى حروب أهلية، في مشهد لن تكون فيه أي حكومة بمأمن من تداعيات كارثة نووية أو بيولوجية أو كيميائية.