نُذر الحرب الكبرى : ترامب يُهدّد بـ " الاستسلام أو السحق "… والعالم على حافة الانفجار

التاج الإخباري -

التاج الإخباري - بقلم: الكاتب والباحث السياسي د. نعيم الملكاوي

بين التهديد النووي والمواجهة الشاملة ، هل نشهد ميلاد "الحرب الإقليمية العظمى" في الشرق الأوسط ؟

"حين ينطق الزعيم من خلف الميكروفون بلغة المدافع ، تصبح العواصم على بعد خطوة من النار … وتصمت الدبلوماسية أمام قعقعة السلاح. "

بهذه المعادلة يبدو الشرق الأوسط مقبلاً على مرحلة هي الأخطر منذ عقود ، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي طالبت إيران بـ " الاستسلام غير المشروط " ، واضعاً المنطقة والعالم أمام سيناريوهات شديدة التقلب والتعقيد .
التحولات في الموقف الأميركي: من المفاوضات الى التحذير واخيراً إلى التهديد لم تكن تصريحات الرئيس الأميركي في 17 حزيران/يونيو مجرد خطابات انتخابية ، بل حملت إشارات واضحة إلى تحول استراتيجي في الموقف والخطاب الأميركي . فقد أعلن ترامب بصراحة "سندكّ مواقعهم النووية إذا لم يستسلموا فوراً … إيران لا تفهم سوى لغة النار" .

ترافق ذلك مع حراك عسكري أميركي في المنطقة ، تمهيدًا لدعم إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر في المواجهة الحالية مع إيران .

إسرائيل تُهاجم… وترامب يُمهّد لجولة أوسع

تشير التقارير الاستخباراتية إلى أن دولة الاحتلال ، مدعومة بمعلومات من الموساد ، نفذت ضربات دقيقة على مواقع حساسة في إيران ، شملت مفاعلات نووية ومخازن صواريخ . ويُعتقد أن العملية تهدف إلى كسر قدرة طهران على الردع دون التورط في حرب شاملة .

غير أن الرد الإيراني جاء سريعاً وعنيفاً شلَ اركان دولة الاحتلال ، حيث أطلقت طهران ما يقارب 150 صاروخاً بالستياً و 100 طائرة مسيّرة ، بعضها تجاوز الدفاعات الإسرائيلية ، مخلفاً أضراراً في عمق تل أبيب وحيفا والنقب ، فيما اعترضت منظومات باتريوت وصواريخ "حيتس" الجزء الأكبر منها . في حين يتوقع أن هناك الكثير من المفاجئات لا تزال تحتفظ بها ايران .

احتمالات التدخل الأميركي: الحرب بعيون ترامب

البيت الأبيض لم يُصدر بعد قراراً رسمياً بدخول الحرب ، إلا أن مؤشرات التحشيد والدعم اللوجستي توحي بأن واشنطن تتأهب للمرحلة المقبلة . ومن بين السيناريوهات المطروحة داخل الإدارة الأميركية :

  • تنفيذ ضربة جوية "جراحية" على مفاعل فوردو باستخدام قنابل خارقة للتحصينات .
  • استهداف شخصيات رفيعة من الحرس الثوري أو قيادات سياسية لدفع إيران نحو الانكماش الاستراتيجي .
  • فرض منطقة حظر جوي مؤقتة فوق الخليج ، تبررها واشنطن بحماية الملاحة الدولية .
    في المقابل ، يحذّر البنتاغون من حرب متعددة الجبهات ، في حال تورّطت واشنطن عسكرياً ، دون خطة خروج أو دعم إقليمي متماسك كما حدث عام 2003 في العراق .


    سيناريوهات المرحلة القادمة : بين الانفجار والتروي - إلى أين تتجه الأمور ؟
    في ظل تسارع التطورات ، تتبلور عدة سيناريوهات رئيسية محتملة :
    مواجهة محدودة ومدروسة :
  • تنفيذ ضربات متبادلة دون توسع إقليمي ، تنتهي بوساطة دولية تقود إلى تهدئة مؤقتة أو مفاوضات نووية جديدة.

    اشتباك عسكري واسع :

    تدخل أميركي – إسرائيلي مباشر يستهدف منشآت نووية وعسكرية إيرانية ، وقد يُواجه بردّ شامل من طهران ، مع احتمالية استهداف القواعد الأميركية في الخليج والعراق .

    حرب متعددة الجبهات :

    دخول حزب الله من الشمال ، والحوثيين من الجنوب ، والميليشيات العراقية من الشرق ، ما يضع إسرائيل أمام أعقد تحدٍّ استراتيجي في تاريخها الحديث .

    تصعيد شامل يهدد الملاحة والطاقة العالمية :

    استهداف مضيق هرمز ، ضرب ناقلات النفط ، أو استخدام أسلحة كيماوية/إلكترونية ، ما يرفع أسعار النفط عالمياً ويهدد أمن الطاقة العالمي .

    تدخلات دولية محتملة :

    في حال تجاوزت المواجهة الخطوط الحمراء ، قد تتدخل روسيا لحماية المصالح الإيرانية ، فيما تسعى الصين لضمان استقرار الطاقة ، وتضغط أوروبا باتجاه التهدئة خوفاً من موجات لجوء جديدة وانهيار اقتصادي ، ولا ننسى الموقف الباكستاني الذي قد يتحرك باتجاه ايران .

    محور المقاومة يتحرك… هل الحرب القادمة شاملة ؟

    كل المؤشرات تشير إلى أن إيران لن تقاتل وحدها . فحزب الله في لبنان رفع مستوى التأهب ، وأطلق في اليومين الماضيين صواريخ باتجاه الجليل ، فيما حاول الحوثيون إطلاق صاروخ على القدس ، سقط في منطقة الخليل . أما في العراق ، فقد حشدت " عصائب أهل الحق " و " كتائب حزب الله " مقاتليها قرب القواعد الأميركية .

    وإذا ما قررت واشنطن التدخل المباشر ، فإن دخول هذه الأطراف بات شبه حتمي ، ما يضع إسرائيل أمام معركة متعددة الجبهات ، لم تشهد مثلها منذ حرب أكتوبر 1973 .

    حينها سيكون الشرق الأوسط على فوهة بركان … والعالم يترقّب

    العالم اليوم يقف على شفير حرب لا تشبه سابقاتها . فإذا قررت واشنطن خوض معركة " تأديب إيران "، فإن الاحتمالات مفتوحة على فوضى شاملة قد لا تُحسم عسكرياً بقدر ما تُعيد رسم خرائط النفوذ في الإقليم كله .

    يبقى السؤال الذي يشغل الجميع : هل يجرؤ ترامب على فتح أبواب الجحيم ؟
    أم أن التهديدات تبقى في إطار " دبلوماسية عرض العضلات " ؟

    في الشرق الأوسط ، الإجابة لا تُكتب بالحبر … بل تُحفر بالنار .




    مقالات ذات صلة

    زر الذهاب إلى الأعلى