شديفات يكتب: سيدنا .. صوت الأردن وضميره المسموع في أوروبا

التاج الإخباري -

التاج الإخباري- بقلم: الدكتور عدنان متروك شديفات

في زمنٍ تتنازع فيه الأصوات، وتضيع الحقيقة بين ضجيج السياسة وتطرف الفكر، ارتفع صوت من قلب الشرق، صوت يحمل الصدق والاتزان، هو صوت الأردن.
لقد وقف جلالة الملك عبدالله الثاني، سيد البلاد وضميرها، بعد خمس سنوات بنفس المكان في قلب أوروبا، أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، ليخاطب العالم بلغة العقل والحكمة، حاملاً همّ أمته، وناطقاً بإسم الإنسانية جمعاء.

في ذلك الخطاب التاريخي، لم يكن الملك عبدالله مجرد زعيمٍ يتحدث إلى برلمان، بل كان صوت الاعتدال في وجه التشويه ، ليمثل أمةً بكاملها؛ أمةٌ أرهقها العنف، وأثقل كاهلها اللجوء، لكنها لم تفقد إيمانها بالحوار والتعايش.
تحدث جلالته عن الإسلام، لا كدين فحسب، بل كحضارة إنسانية عظيمة، شوهها المتطرفون وضلل بها الجهلة. أكّد أن من يرتكب الجرائم بإسم الدين لا يمثل إلا نفسه، وأن على العالم أن يميز بين حقيقة الإسلام وبين من يحاولون تزييفه.

ولأن الأردن وطن صغير بحجمه، كبير برسالته
جاء صوت جلالة الملك قوياً، لكنه مفعم بالتواضع، حين وصف الأردن بأنه بلد محدود الموارد، لكنه غني بقيَمه، فهو وطن احتضن ملايين اللاجئين، وصمد في وجه الأزمات، ورفض الانزلاق إلى الفوضى، لأنه مؤمن بأن الأمن لا يأتي بالقوة وحدها، بل بالعدل، وبفتح أبواب الأمل أمام الشعوب.

ما ميّز خطاب جلالة الملك في أوروبا، هو أنه لم يكن خطاباً رسمياً جامداً ، بل كان رسالة إنسانية قبل أن تكون سياسية بقلبٍ نابضٍ بالحكمة والرحمة حيث تحدّث عن مسؤولية العالم تجاه المستضعفين، وعن ضرورة أن تقف الدول الكبرى مع الدول التي تحمل عبء الأزمات، لا أن تتركها تواجه مصيرها وحيدة.

كان خطابه صدى لصوت الأردنيين، الذين آمنوا دومًا بأن وطنهم، رغم صغره الجغرافي، يحمل رسالة إنسانية عظيمة، حيث تميز الخطاب الملكي بضمير ناطق بإسم الحق في قاعةٍ تمثل شعوب أوروبا، كان صوت جلالة الملك عبدالله الثاني ضمير عربي ناطق بالحق، هذا الضمير لم يساوم يوماً ، ولم يهادن، بل قال الحقيقة كما هي، بكل شجاعة واتزان، تحدّث عن ضرورة بناء تحالفات إنسانية، وعن دور القادة في توجيه الشعوب نحو السلام، لا الكراهية.

عندما يُسمع صوت سيدنا في أوروبا، فذلك لم يكن مجرد خطاب سياسي عابر فحسب ، بل لحظة فارقة أكدت أن الأردن له صوت، وله سيد، يسمعه العالم ويحترمه، لقد عبّر الملك عبدالله الثاني عن ضمير الوطن، عن أمله، عن صبره، وعن رسالته، فكان بحق سيدنا، صوت الأردن وضميره المسموع في أوروبا، ورمزاً للقيادة التي تؤمن بأن الكلمة الصادقة أقوى من كل سلاح.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى