العياصرة تكتب: بين صافرات الإنذار ورائحة المنسف .. أين يقف وطني؟

التاج الإخباري -

التاج الإخباري - بقلم: نيڨين العياصرة

استيقظت على صوت صافرات الإنذار التي دبت الذعر في قلبي والكثير من التساؤلات في عقلي: ما هو الخطر؟ وكيف سيمتد؟

هل بدأت الحرب كما توقع المحللون؟
أم أنه السيناريو المعتاد بين إيران وإسرائيل؟

في تلك اللحظة لم يكن صوت الإنذار مجرد صوت حاد يخترق السكون، بل كان ناقوس خطر داخلي أيقظ في شعورا عميقا بعدم الأمان، أحسست أن هناك شيئًا قادما، خطرا يتربص بالمنطقة، وقد يكون هذه المرة أكبر من مجرد توتر عابر.

شعرت أن الأرض التي أظنها دائما مستقرة تحت قدمي بدأت تهتز قليلا ولو معنويا،
جلست أحاول تهدئة نفسي التقطت هاتفي، تنقلت بين القنوات الإخبارية، ومنصات التواصل، أبحث عن بارقة أمل، عن تصريحٍ يطمئنني، عن محلل سياسي يكذب المخاوف، لكن كل ما وجدته كان يزيد القلق،الاغلب يتحدث عن أن الحرب وشيكة، بل إن البعض يعتبرها مسألة وقت فقط.

في خضم هذا القلق، أدركت شيئا عظيما كنت أعيشه يوميا دون أن أتوقف عنده، نعمة الأمن والأمان، تلك النعمة التي تجعل صباحاتنا في الأردن دافئة، قهوتنا ألذ، وجمعاتنا العائلية حول مائدة المنسف أكثر دفئا من أي شتاء، كيف يمكن لإنسان أن يستمتع بلقمة طعام، أو حتى برشفة قهوة، إذا كان يشعر بالخطر يطرق بابه أو يتربص به من بعيد؟

حينها، ترسخت لدي قناعة عميقة، الأمن ليس مجرد وضع سياسي أو حالة مؤقتة
بل هو الأساس الذي يقوم عليه كل شيء،هو أعمق من مجرد غياب الحرب، هو القدرة على الحياة.

ولقد تميز وطني الأردن بهذه النعمة الغالية، فلطالما كان واحة استقرار في محيط مضطرب، لكننا اليوم نجد أنفسنا في نقطة وسط، جغرافيا وسياسيا، بين الحرب واللاحرب. نترقب من بعيد، ندعو، ونراقب، ونتمسك بهذا الأمان بكل جوارحنا.

نعم، لقد أنعم الله على الأردن بنعمة الأمن، ولكن هذه النعمة ليست هبة أبدية، بل أمانة في أعناقنا جميعًا، إنها لا تُقاس بعدد الجنود على الحدود، بل بتماسكنا الداخلي، بوعينا، بإيماننا بأن الأوطان لا تُحمى فقط بالسلاح، بل بالمحبة، والانتماء، والمسؤولية. في زمن صارت فيه صافرات الإنذار توقظ الناس بدل تغريد العصافير، علينا أن نتمسك أكثر بوحدتنا، ونعض بالنواجذ على استقرارنا، لأن اللحظة التي نتغافل فيها عن قيمة الأمن، قد تكون اللحظة التي نخسره فيها.

"اللهم اجعل هذا البلد آمِنا مطمئنا، سخاء رخاء، وسائر بلاد".




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى