تحقيق ..  ارتفاع التشوهات الخلقية لدى المواليد في غزة

التاج الإخباري -

التاج الإخباري - داخل حضانة مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يرقد الطفل محمد أبو عواد ليتلقى العلاج بعد ثلاثة أيام من ولادته وإصابته بتشوهات خلقية بالقلب والقدمين والدماغ، اكتشفها الأطباء بعد الولادة.

يكافح الفريق الطبي للحضانة داخل المجمع من أجل إنفاذ حياة محمد أبو عواد، الذي ولد يوم 21 سبتمبر/أيلول 2024 بوزن 2.8 كيلوغرام ولكن الحالات المماثلة له تنتهي بالوفاة، وفقًا للطبيب المعالج.

لم تحصل ياسمين والدة الطفل محمد خلال فترة حملها على الرعاية الصحية المطلوبة من متابعة شهور الحمل داخل عيادات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كما كان حالها مع كل حمل، كما لم تحصل على المثبتات والمكملات الغذائية.

وفي شهور الحمل الأولى لوالدة محمد أبو عواد، تعرض منزلها بشرق خان يونس إلى قصف إسرائيلي بصاروخ، مما أدى إلى استنشاقها دخانا أسود ناتجا عن هذا القصف.

تعرضت ياسمين أيضا، كما تقول للجزيرة نت، إلى سوء تغذية كحال سكان قطاع غزة بسبب الحصار الذي فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومنعه دخول اللحوم الحمراء والبيضاء الطازجة والخضروات والفواكه إلى أسواق القطاع، وكان طعامها من المعلبات التي كانت تحصل عليها عائلتها من المؤسسات الدولية.

وإلى جانب الطفل محمد أبو عواد، ولدت الطفلة نورة أبو معروف من رحم أمها ميتة نتيجة إصابتها بتشوهات خلقية بالدماغ وثقب بالقلب.

يشير تقييم الحالة الطبية للطفلة نورة أبو معروف، حسب الأطباء داخل مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي، إلى عدم اكتمال جمجمتها وثقب في القلب، مما أدى إلى وفاتها بعد ساعات من ولادتها.

عاشت هناء والدة الطفلة نورة خلال حملها أياما صعبة تتمثل في قصف مجاور لمنزلها في مايو/أيار الماضي بدير البلح وسط قطاع غزة، ودخول دخان كثيف إلى غرف نومهم.

ونزحت والدة نورة أبو معروف إلى منطقة المواصي مع عائلتها لأكثر من 7 مرات، بعضها مشيًا على الأقدام، خلال الشهر السادس من حملها بطفلتها.

ولم تكن تعلم هناء أن طفلتها مصابة بتشوهات خلقية إلا بعد ولادتها بعملية قيصرية، إذ أخبرها الأطباء أن سبب وفات طفلتها هو عدم اكتمال جمجمها.

زيادة ملحوظة

شهد قطاع غزة خلال شهور الحرب الإسرائيلية المستمرة عليه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، زيادة ملحوظة في أعداد الأطفال المصابين بتشوهات خلقية، وفقا لإحصائية رسمية حصلنا عليها، وإفادات طبية.

وأفادت الإحصائية الرسمية بتسجيل 172 إصابة لأطفال حديثي الولادة بتشوهات واضطرابات خلقية خلال أشهر يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب 2024 في مجمع ناصر الطبي وحده، توفي 20% منهم، إضافة إلى زيادة ملحوظة لهذه الإصابات بشمالي قطاع غزة، وعدم وجود أرقام دقيقة بسبب تدمير مستشفى الشفاء وانهيار المنظومة الصحية والإدارية هناك، وتوزع الحالات على العيادات الخاصة.

رئيس قسم الحضانة داخل مستشفى التحرير للنساء والولادة بمجمع ناصر الطبي الطبيب حاتم ظهير أكد وجود زيادة طردية في عدد الأطفال الحديثي الولادة المصابين بالتشوهات الخلقية خاصة أمراض القلب والأعضاء التناسلية والأطراف السفلية.

وأرجع حاتم ظهير الزيادة في حالات التشوهات الخلقية بين المواليد، وفق حديثه للجزيرة نت، إلى المواد المتفجرة التي سقطت على قطاع غزة والتي تحمل سميات كثيرة، إضافة إلى الفيروسات المنتشرة بالقطاع وغياب النظافة وسوء التغذية عند الأمهات.

وأوضح حاتم أن الزيادة المستمرة في حالات تشوهات خلقية بين الأطفال المواليد هي مستجد يستدعي الدراسة من قبل المختصين، وإجراء الفحوصات للوصول إلى الأسباب الرئيسية لزيادة حالات التشوهات.

وبيّن أن معظم حالات الأطفال المصابين بالتشوهات الخلقية يكون مصيرهم الوفاة، خاصة أن غالبية الحالات هي لتشوهات بالقلب ويحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية في الأسبوع الأول بعد الولادة، وهذا الأمر غير متوفر في مستشفيات قطاع غزة.

وقال "فقدنا أطفالًا مصابين بتشوهات خلقية كان يمكن إنقاذهم لو تم تحويلهم إلى خارج قطاع غزة".

المواد السمية

طبيب النساء والولادة بمجمع ناصر الطبي ماهر كوارع أكد تسجيل زيادة ملحوظة في عدد حالات تشوهات الأطفال الذين ولدوا في المجمع الرئيسي جنوبي قطاع غزة.

وقال ماهر، "هناك أسباب عديدة لتسجيل تشوهات خلقية بين الأطفال الحديثي الولادة، أبرزها المتفجرات التي ألقها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والمواد السمية الناتجة عنها".

وأوضح أن النساء الحوامل بقطاع غزة عانين من سوء تغذية وعدم حصولهن على الطعام اللازم خلال فترة الحمل، مما أدى إلى حدوث تشوهات لدى أطفالهن، إضافة إلى حالات النزوح المتكررة، والعيش داخل الخيام.

واعتبر أن عدم حصول الحامل على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وانتشار الأمراض والفيروسات بين النازحين، من أسباب ارتفاع حالات التشوهات الخلقية بين المواليد.

ويعد غياب الرعاية الصحية، وفق ماهر، وعدم حصول الحوامل على المثبتات والفيتامينات خلال فترة الحمل من الأسباب في إصابة الأطفال في أرحام أمهاتهم بتشوهات خلقية.

وتعامل الطبيب ماهر كوارع مع تشوهات في الدماغ والقلب والأطراف السفلية لأطفال داخل مجمع ناصر الطبي.

وفي شمال قطاع غزة، تسجل زيادة لأطفال غير مكتملي النمو مع وجود حالات تشوهات خلقية، وفقًا لمدير مستشفى كمال عدوان الطبيب حسام أبو صفية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرجع أبو صفية الأسباب وراء تلك الحالات إلى عدم توفر الرعاية الصحية لدى الحوامل التي تعد مهمة جدًا لهن، إضافة إلى غياب أصناف الطعام الغنية بالفيتامينات وسوء التغذية.

ويوضح أن بعض الأطفال المواليد يكونون غير مكتملي الرئتين، لذلك يتم وضعهم في الحضانات من أجل المساهمة في علاجهم واكتمال نموهم.

الجريزة




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى